السبت، 24 يناير 2015

الفصل الثاني: نبوءات يسوع

الفصل الثاني: نبوءات يسوع
يبين العهد القديم أن النبي الكاذب هو الذي يتكلم باسم آلهة أُخرى غير الربّ خالق السموات والارض، وأن الانسان الذي يدّعي الأُلوهية باطلاً  هو الذي يتنبأ بوقوع حوادث في المستقبل ولا تقع كما قال، كما في النصين التاليين:
وأما النبي الذي يُطغي فيتكلم باسمي كلاماً لم أُوصه أن يتكلم به،
أو الذي يتكلم باسم آلهة أُخرى فيموت ذلك النبي،
وان قلتَ في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب،
فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يَصِر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب،
بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه. (تثنية 18: 20-22)
في هذا النص يقول الرب ان النبي الكاذب هو الإنسان الذي يتكلم بكلام لم يوصه به الرب، والدليل على ذلك هو أن نبوءلته عن المستقبل لا تحدث ولا تتحقق كما قال.
قدموا دعواكم يقول الرب،
احضروا حججكم يقول ملك يعقوب،
ليقدموها ويخبرونا بما سيعرض،
ما هي الأوليات،
اخبروا فنجعل عليها قلوبنا ونعرف آخرتها،
أو أعلمونا المستقبلات،
أخبروا بالآتيات فيما بعد،
فنعرف انكم آلهة،
وافعلوا خيراً او شرّاً فنلتفت وننظر معاً،
ها انتم من لا شيء وعملكم من العدم،
رجسٌ هو الذي يختاركم. (إشعياء 41: 21-24)
في هذا النص يطلب الرب ممن يدّعي الأُلوهية أن يبين ما هي حقيقة أوليات هذا العالم سواء الطبيعي أو الإنساني، وماذا سيحدث في المستقبل، ليُظهر صحة ما يدّعيه.
لهذا سأقوم في هذا الفصل بدراسة ما كتبت الأناجيل على لسان يسوع من أقوال تنبأ فيها عن المستقبل لنرى إن صحت تنبؤاته، ويكون ما كتبت عنه الأناجيل وقوانين إيمان الكنائس من أنه المسيح وأنه إله وابن إله والأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر صحيحاً، أو ان تنبؤاته لم تتحقق وبالتالي ينطبق عليه ما قيل في النصين السابقين.
نبوءة يسوع عن خراب الهيكل وربط عودته بإيمان اليهود به
- يا أُورشليم يا أُورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا،
هو ذا بيتكم يُترك لكم خراباً،
والحق أقول لكم انكم لا ترونني حتى يأتي وقت تقولون فيه مبارك الآتي باسم الرب. (لوقا 13: 34-35)
- يا أُورشليم يا أُورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها، كم مرة أردت ان أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا،
هو ذا بيتكم يترك لكم خراباً،
لاني أقول لكم انكم لا ترونني من الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب. (متّى 23: 37-39)
في هذين النصين تنبأ يسوع بخراب الهيكل، وهو ما تقول الكنائس أنه حدث سنة سبعين بعد الميلاد، وهنا لا أود البحث في زمن كتابة انجيل متّى وانجيل لوقا هل كان قبل سبعين بعد الميلاد أم بعد ذلك ولكن لنقل ان هذا القول قيل قبل دمار الهيكل، فهذه النبوءة حدثت كما قال أو بمعنى أدق كما كتب متّى ولوقا، فماذا عن النبوءات الأُخرى؟
نبوءة يسوع عن بقائه في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال
- حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلم نريد ان نرى منك آية، فأجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تُعطى له آية الا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. (متّى 12: 38-40)
- وفيما كان الجموع مزدحمين ابتدأ يقول هذا الجيل شرير،
يطلب آية ولا تُعطى له آية الا آية يونان النبي،
لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون ابن الانسان أيضاً لهذا الجيل. (لوقا 11: 29-30)
- فخرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه،
فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية،
الحق أقول لكم لن يُعطى هذا الجيل آية. (مرقس 8: 11-12)
في هذه النصوص تنبأ يسوع عن مدة بقائه في القبر، وقال انه سيمكث في بطن الأرض كما مكث يونان في بطن الحوت، لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون هو آية لذلك الجيل، وكما نلاحظ فإنه يوجد اختلاف في أجوبة يسوع عن طلبهم منه أن يريهم آية، فمرة يقول لهم انه سيعطيهم آية مثل آية يونان الذي لبث في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاثة ليال، وأُخرى يقول إن هذا الجيل لن يُعطى آية! وأنا لن أتوقف عند هذا الاختلاف لأنه يمكن أن يكون يسوع ليس عنده علم ما هي الآية التي سيُعطيها لذلك الجيل عندما أجاب انه لن يُعطى هذا الجيل آية، كما نلاحظ أيضاً أن يسوع وكتبة الأناجيل لم يذكروا أي معجزة من معجزاته التي كان يعملها كآية له، وخاصة إحيائه الموتى وهي تشبه آية يونان، إن لم تكن أعظم منها، فكم من الناس من تعرض لحوادث تفضي إلى الموت في أغلب الأحيان ولكنه ينجو حتى لو ابتلعه الحوت، في حين انه لم يحدث أن مات أحد وعاد للحياة سوى من ذكرت الكتب عنهم أنهم عادوا بمعجزات إلهية كما حدث للأشخاص الذين أحياهم أليشع وإيليا ويسوع، فلماذا تمّ تناسي هذه الآيات، هل لأن يسوع تنبأ بنهايته وحدث ما تنبأ به كما قال؟
لنقرأ النصوص التالية ثم نكمل الحديث:
- ولما كان المساء جاء رجل غني من الرّامة اسمه يوسف وكان هو أيضاً تلميذاً ليسوع، فهذا تقدم الى بيلاطس وطلب جسد يسوع، فأمر بيلاطس حينئذ أن يُعطى الجسد، فأخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي،
ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة ثم دحرج حجراً كبيراً على باب القبر ومضى،
وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الاخرى جالستين تجاه القبر. (متّى 27: 57-61)
- ولما كان المساء اذ كان الاستعداد أي قبل السبت جاء يوسف الذي من الرامة مشير شريف وكان هو أيضاً منتظراً مملكة الاله فتجاسر ودخل الى بيلاطس وطلب جسد يسوع،
فتعجب بيلاطس انه مات كذا سريعاً،
فدعا قائد المئة وسأله هل له زمان قد مات،
ولما عرف من قائد المئة وهب الجسد ليوسف،
فاشترى كتاناً فانزله وكفنه ووضعه في قبر كان منحوتاً في صخرة ودحرج حجراً على باب القبر،
وكانت مريم المجدلية ومريم أُم يوسي تنظران اين وضع. (مرقس 15: 42-47)
- واذا رجل اسمه يوسف وكان مشيراً ورجلاً صالحاً بارّاً، هذا لم يكن موافقاً لرأيهم وعملهم وهو من الرامة مدينة لليهود، وكان هو أيضاً ينتظر مملكة الاله،
هذا تقدم الى بيلاطس وطلب جسد يسوع، وأنزله ولفه بكتان ووضعه في قبر منحوت حيث لم يكن أحد وضع قط،
وكان يوم الاستعداد والسبت يلوح، وتبعته نساء كن قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده، فرجعن وأعددن حنوطاً وأطياباً، وفي السبت استرحن حسب الوصية. (لوقا 23: 50-56)
- ثم ان يوسف الذي من الرامة وهو تلميذ يسوع ولكن خفية لسبب الخوف من اليهود سأل بيلاطس ان يأخذ جسد يسوع فأذن بيلاطس فجاء وأخذ جسد يسوع،
وجاء أيضاً نيقوديموس الذي أتى أولاً الى يسوع ليلاً وهو حامل مزيج مرّ وعود نحو مئة منّاً، فأخذا جسد يسوع ولفّاه بأكفان مع الاطياب كما لليهود عادة ان يكفنوا،
وكان في الموضع الذي صلب فيه بستان وفي البستان قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط،
فهناك وضعا يسوع لسبب استعداد اليهود، لان القبر كان قريباً. (يوحنا 19: 38-42)
من هذه النصوص نلاحظ أن يوسف الذي من الرامة دفن يسوع مساء ليلة السبت، وفي النصوص التالية نقرأ متى عرفوا أنه قام.
وبعد السبت عند فجر أول الاسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الاخرى لتنظرا القبر. (متّى 28: 1)
وبعدما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أُم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنه، وباكراً جداً في أول الاسبوع أتين الى القبر اذ طلعت الشمس. (مرقس 16: 1-2)
وفي أول الاسبوع أول الفجر أتين الى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهن اناس. (لوقا 24: 1)
وفي أول الاسبوع جاءت مريم المجدلية الى القبر باكراً والظلام باق، فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر. (يوحنا 20: 1)
هذه النصوص تقول إن القبر وُجد فارغاً قبل طلوع شمس يوم الأحد، أي إن يسوع لبث في القبر ليلة السبت ويوم السبت وليلة الأحد، وإذا أضفنا يوم الجمعة الذي تصرّ الكنائس على احتسابه في المدة فلن يتحقق قوله ثلاثة أيام وثلاث ليال لأنه يبقى ليلة كاملة ناقصة، فأين هذه المدة من المدة التي مكثها يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال؟
- أما الرب فأعدّ حوتاً عظيماً ليبتلع يونان،
فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال. (يونان 1: 17)
وأكتفي بهذا للتدليل على عدم مصداقية النبوءة لأن الكنائس تعلم أن مدة بقاء يسوع في القبر لم تكن كما تنبأ بها من أنه سيبقى في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال كما بقي يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، أو بمعنى أدق ليس كما كتب متّى من ان يسوع قال انه سيمكث في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال كما لبث يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال!
نبوءة يسوع عن رؤيته جالساً عن يمين قوة الإله
- فأجاب رئيس الكهنة وقال له استحلفك بالإله الحي ان تقول لنا هل انت المسيح ابن الإله،
قال له يسوع انت قلت،
وايضاً اقول لكم من الان تبصرون ابن الانسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء. (متّى 26: 62-64)
في هذا النص يقول يسوع لرئيس الكهنة والكتبة والفريسيين بعد أن ألقوا القبض عليه انهم من الآن يبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء، وهذا النص من النصوص الغريبة والعجيبة الموجودة في الأناجيل لأنها تعطينا معلومات تظهر بوضوح أنها غير صحيحة، لان الأناجيل لم تخبرنا أن يسوع جلس منذ تلك اللحظة، والتي عبّر عنها يسوع بقوله من الآن، عن يمين القوة وجاء للأرض آتياً على سحاب السماء!
وكيف يكون جالساً عن يمين القوة وهو ما زال مقبوضاً عليه وتجري محاكمته، أم كيف يأتي على سحاب السماء وهو ما زال يتلقى الصفعات واللكمات من اليهود، وبعد ذلك يُسلم إلى بيلاطس وهناك أيضاً يتم ضربه والاستهزاء به، ثم يُذهب به ليُصلب ويبقى معلقاً على الصليب حتى قبل مغيب الشمس بقليل، ثم يُدفن في قبر ويبقى فيه يوم وليلتان، ثم بعد ذلك يبدأ بالظهور للتلاميذ مدة أربعين يوماً، فكيف يقول انه من الآن سيكون جالساً عن يمين القوة، ولم يكتف بهذا القول، بل قال أنهم سيرونه آتياً على سحاب السماء، ونحن وهؤلاء والكنائس المختلفة أيضاً وبعد أكثر من تسعة عشر قرناً لم نره آتياً على سحاب السماء فضلاً عن أن نراه جالساً على يمين القوة!
- فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال له أأنت المسيح ابن المبارك،
فقال يسوع أنا هو، وسوف تبصرون ابن الانسان جالساً عن يمين القوة وآتياً في سحاب. (مرقس 14: 61-62)
وهذا النص كسابقه وهو قاله في نفس المناسبة وأنا وضعته للتأكيد على أن هذا القول ليس من أقوال متّى فقط بل هو مكتوب في إنجيل مرقس، وهذا يدل على مدى اقتناع كتبة الأناجيل به.
وأنا استغرب كيف لم ينتبه كتبة الأناجيل لهذا النص، فهم يجب أن يكونوا أول من لاحظ ان هذا القول غير صحيح، وان يسوع لم يجلس عن يمين القوة، ولم يره أحد آتياً على سحاب السماء أو في سحاب؟
منذ الآن يكون ابن الانسان جالساً عن يمين قوة الإله. (لوقا 22: 69)
في هذا النص نجد أن لوقا أيضاً يُصرّ على أن يسوع قال في مواجهة اليهود ورئيس الكهنة والكتبة والفريسيين انه سيكون منذ الآن جالساً عن يمين القوة، فلو كتبوا أنه قال بعد قتله وصلبه وقيامته سيجلس عن يمين القوة لكان الأمر قابلاً للتصديق، أما قوله منذ الآن يكون جالساً عن يمين القوة فهذا أمر غريب، وخاصة أنه ثبت خطأه.
- وقال له الحق الحق أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الإله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان. (يوحنا 1: 51)
هذا النص قاله يسوع في أول تبشيره، أو كرازته، عندما التقى نثنائيل أحد تلاميذه ودعاه ليؤمن به فآمن، فقال له هذا القول ولم تخبرنا الأناجيل أن أحداً من الذين عاشوا في ذلك الزمان كان يرى السماء مفتوحة والملائكة تصعد وتنزل على يسوع، أو ابن الإنسان، ولو كان هذا القول صحيحاً فمن كان يجرؤ على معارضة يسوع وهو يرى السماء مفتوحة والملائكة تصعد وتنزل عليه؟
نبوءات يسوع عن مجيئه الثاني
- الحق أقول لكم ان من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان آتياً في مملكته. (متّى 16: 28)
- وقال لهم الحق أقول لكم ان من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الاله قد أتت بقوة. (مرقس 9: 1)
- حقاً أقول لكم ان من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الاله. (لوقا 9: 27)  
- ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا الى الأُخرى،
فاني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الانسان. (متّى 10: 23)
في النبوءات الثلاث الأُولى يقول يسوع وبصيغة التأكيد الجازم، والذي عادة يستخدم فيه صيغة الحق أقول لكم، انه سيعود قبل أن يموت جميع تلاميذه، وفي النبوءة الرابعة يقول لهم انه سيعود قبل أن يُكملوا التبشير في مدن إسرائيل!
وها نحن الآن وبعد أكثر من ألف وتسع مائة سنة من موت جميع التلاميذ، وقد أكملت الكنائس التبشير في معظم مدن العالم، وليس في مدن إسرائيل فقط، ولم يرَ أحد ابن الإنسان آتياً في مملكته لا بقوة ولا بضعف!
وأنا استغرب وأتساءل لماذا نسي كتبة الأناجيل، وخاصة لوقا الذي كتب قصة عن نهاية يهوذا الاسخريوطي تتناقض مع ما كتبه متّى، كما كتب قصة عن استفانوس وضمنها عدة أخطاء تتناقض مع كل ما هو مكتوب في العهد القديم، أن يكتبوا قصة عن اختفاء أحد التلاميذ وعدم موته كي يتسنى لهم القول إن هذه النبوءات ما زالت قابلة للتحقيق لان ذلك التلميذ لم يمت بعد؟
نبوءات يسوع عن علامات الساعة ومجيئه الثاني
- ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل،
فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل،
فقال لهم يسوع اما تنظرون جميع هذه،
الحق أقول لكم انه لا يُترك ههنا حجر على حجر لا ينقض،
 وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم اليه التلاميذ على انفراد قائلين قل لنا متى يكون هذا،
وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر،
فأجاب يسوع وقال لهم لا يضلكم أحد،
فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويُضلون كثيرين،
وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب، انظروا لا ترتاعوا، لأنه لا بد أن تكون هذه كلها، ولكن ليس المنتهى بعد،
لأنه تقوم أُمة على أُمة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن، ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع،
حينئذ يُسلّمونكم الى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الأُمم لأجل اسمي،
وحينئذ يعثر كثيرون ويُسلمون بعضهم بعضاً ويُبغضون بعضهم بعضاً،
ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويُضلون كثيرين،
ولكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين،
ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص،
ويكرز ببشارة المملكة هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم،
ثم يأتي المنتهى،
فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس، ليفهم القاريء،
فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال، والذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيته شيئاً، والذي في الحقل فلا يرجع الى ورائه ليأخذ ثيابه، وويل للحبالى والمرضعات في تلك الايام،
وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا في سبت،
لانه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم الى الآن ولن يكون، ولو لم تقصّر تلك الأيام لم يخلص جسد، ولكن لأجل المختارين تقصر تلك الايام، حينئذ ان قال لكم آحد هو ذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا،
لانه سيقوم مسحاء كذبة وانبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو امكن المختارين ايضاً، ها أنا قد سبقت واخبرتكم،
فان قالوا لكم ها هو في البرية فلا تخرجوا، ها هو في المخادع فلا تصدقوا،
لأنه كما ان البرق يخرج من المشارق ويظهر الى المغارب هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الانسان، لانه حيثما تكن الجثة تجتمع النسور،
وللوقت بعد ضيق تلك الايام، تظلم الشمس، والقمر لا يُعطي ضوءه، والنجوم تسقط من السماء، وقوّات السماء تتزعزع،
حينئذ تظهر علامة ابن الانسان في السماء، وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض،
ويبصرون ابن الانسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير،
فيُرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الاربع الرياح من أقصاء السماء الى اقصائها، فمن شجرة التين تعلموا المثل، متى صار غصنها رخصاً واخرجت اوراقها تعلمون ان الصيف قريب، هكذا أنتم أيضاً متى رأيتم هذا كله فاعلموا أنه قريب على الابواب،
الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله،
 السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول،
واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماء إلا أبي وحده.  (متّى 24: 1-36)
وحينئذ يُبصرون ابن الإنسان آتياً في سحاب بقوة كثيرة ومجد،
فيُرسل حينئذ ملائكته ويجمع مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء الأرض الى أقصاء السماء،
فمن شجروة التين تعلموا المثل، متى صار غصنها رخصاً وأخرجت أوراقاً تعلمون أن الصيف قريب، هكذا أنتم أيضاً متى رأيتم هذه الأشياء صائرة فاعلموا أنه قريب على الابواب،
الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله،
السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول، واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب. (مرقس 13: 26-32)
وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتياً في سحابة بقوة ومجد كثير،
ومتى ابتدأت هذه تكون، فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب، وقال لهم مثلاً، انظروا الى شجرة التين وكل الاشجار، متى أفرخت تنظرون وتعلمون أن الصيف قد اقترب، هكذا أنتم أيضاً متى رأيتم هذه الأشياء صائرة فاعلموا أن مملكة الإله قريبة،
الحق أقول لكم انه لا يمضي هذا الجيل حتى يكون الكل،
السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (لوقا 21: 27-33) 
هذه النصوص هي استكمال للنبوءات السابقة التي تتحدث عن مجيئه الثاني ولكنه في هذه النصوص يؤكد ذلك بالقول ان علامات آخر الزمان ستقع في زمن ذلك الجيل، ويزيد التأكيد بقوله الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله، السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول، ومع كل هذه الأقوال والتأكيدات فقد مضى ذلك الجيل ولم تحدث أيّة علامة مما تنبأ به ولم يأت على سحاب السماء بقوة ومجد كثير كما كتب متّى، أو في سحاب بقوة كثيرة ومجد كما كتب مرقس، أو في سحابة بقوة ومجد كثير كما كتب لوقا، وزال كلامه والسماء والأرض باقيتان!
نبوءة يسوع عن معاقبة ذلك الجيل من بني إسرائيل
ويل لكم لأنكم تبنون قبور الانبياء وتزينون مدافن الصديقين،
وتقولون لو كنا في أيام آبائنا لما شاركناهم في دم الانبياء،
فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الانبياء،
فاملأوا أنتم مكيال آبائكم،
أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم،
لذلك ها أنا أُرسل اليكم أنبياء وحكماء وكتبة فمنهم تقتلون وتصلبون ومنهم تجلدون في مجامعكم وتطردون من مدينة الى مدينة،
لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الارض من دم هابيل الصديق الى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل  والمذبح،
الحق أقول لكم ان هذا كله يأتي على هذا الجيل. (متّى 23: 29-37)
في هذا النص نقرأ أن يسوع يُحمّل ذلك الجيل كل خطايا البشرية منذ مقتل هابيل إلى مقتل زكريا بن برخيا ويقول لهم محذراً ومهدداً أن كل هذه الخطايا سوف تطلب من ذلك الجيل وهذا القول كما هو واضح يشبه الأقوال السابقة من إن عودته تكون قبل نهاية ذلك الجيل، ولكن هنا يقول أنهم سيحملون كل خطايا البشر ويُطالبون بدفع الثمن، وهذا القول من الناحية التاريخية لم يقع ولم يدفع ذلك الجيل حساب كل الخطايا لأن الكنائس ما تزال تحمل الخطايا لليهود وأبنائهم الى زماننا هذا فلو كانت هذه النبوءة صحيحة لكان حرياً بالكنائس عدم اضطهاد اليهود عبر القرون وصولاً الى زماننا هذا، كما أن هذا النص يحمل خطأ تاريخياً ظاهراً وهو قوله إن الذي قتله اليهود بين الهيكل والمذبح هو زكريا بن برخيا، في حين أن العهد القديم يقول ان الذي قتله اليهود هو زكريا بن يهوياداع وليس زكريا ابن برخيا، كما في النص التالي:
- ولبس روح الإله زكريا بن يهوياداع الكاهن،
فوقف فوق الشعب وقال لهم هكذا يقول الإله لماذا تتعدون وصايا الرب فلا تفلحون،
لأنكم تركتم الرب قد ترككم،
ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب،
ولم يذكر يوآش الملك المعروف الذي عمله يهوياداع أبوه معه بل قتل ابنه،
وعند موته قال الرب ينظر ويطالب. (الأيام الثاني 24: 20-22)
فإذا أخطأ متّى أو يسوع في اسم من قتله اليهود فكيف ستتحقق نبوءته؟!
كما أن زكريا ابن برخيا عندما كان حياً لم يكن هناك هيكل أصلاً لأنه من أنبياء ما بعد السبي البابلي، كما أن العهد القديم لا يذكر أن اليهود قتلوا زكريا ابن برخيا!
وقد كتب لوقا ذات النبوءة كما في النص التالي:
- لذلك قالت حكمة الإله اني أُرسل إليهم أنبياء ورسلاً فيقتلون منهم ويطردون، لكي يُطلب من هذا الجيل دم جميع الأنبياء المهرق منذ انشاء العالم، من دم هابيل إلى دم زكريا الذي أُهلك بين المذبح والبيت،
نعم أقول لكم انه يطلب من هذا الجيل. (لوقا 11: 49-51)
ومع عدم ذكر لوقا لاسم زكريا الكامل حتى نعرف من يقصد إلا أن النبوءة لم تتحقق كما قال!
نبوءات يسوع عن نهاية اليهود
- فأجاب يسوع وقال لهم أتظنون أن هؤلاء الجليليين كانوا خطاة أكثر من كل الجليليين لأنهم كابدوا مثل هذا، كلا أقول لكم،
بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك  تهلكون. (لوقا 13: 2-3)
في هذه النبوءة يقول يسوع إن الذين قتلهم بيلاطس وخلط دمهم بذبائحهم لم يكونوا خطاة أكثر من باقي بني إسرائيل، وأنهم إن لم يتوبوا فسيهلكون جميعاً كما هلك هؤلاء، والأناجيل لم تخبرنا أن بني إسرائيل تابوا، ومع هذا لم يهلكوا كما هددهم يسوع.
وهنا قد يقول بعض الطيبين من أتباع الكنائس انه كان يقصد الموت الطبيعي وهم جميعاً هلكوا بالموت، فأقول إن التهديد بالموت الطبيعي ليس تهديداً، لأنه هكذا مشيئة خالق السموات والأرض أن يموت جميع البشر، وهذا القول لم نسمعه من الأنبياء السابقين، كما حدث مع لوط وقومه أو مع موسى وفرعون وقومه، فعندما هددهم لوط بالهلاك دمر الرب مدنهم ولم يترك فيها أثراً للحياة، لا بل إن امرأة لوط غير المؤمنة كانت خارج تلك المدينة فجاءها حجر فقتلها تنفيذاً للوعد بإهلاك كل من كان في تلك المدن ولم يؤمن، وكذلك الأمر مع موسى فعندما هدد فرعون بالموت أو الهلاك، هلك فرعون بطريقة تظهر عظمة ومجد الرب، فالفرق واضح بين تهديد يسوع بإهلاك من لا يؤمن به وتهديد لوط وموسى بإهلاك من لا يؤمن بالرب من قومهما، وهذا يدل على أن قول يسوع بهلاك من لا يؤمن به لم يوضع موضع التنفيذ، فهذه النبوءة لم تتحقق.
- أو أُولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام وقتلهم اتظنون ان هؤلاء مذنبين اكثر من جميع الساكنين في اورشليم،
كلا اقول لكم،
بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون. (لوقا 13: 4-5)
وهذه النبوءة كسابقتها إلا أن التهديد جاء بصيغة أُخرى وهي سقوط مباني أُورشليم على رؤوس ساكنيها ممن لم يؤمن بيسوع، ولم تخبرنا الأناجيل انه حدث زلزال أو أي شيء آخر أدّى لإهلاك من لم يؤمن بيسوع، وهذا يدل على أن تهديده لم يتحقق كما كان يحدث مع الأنبياء والرسل، وبالتالي فان هذه النبوءة لم تتحقق كذلك.
نبوءات يسوع عن عدم موت تلاميذه وأتباعه إلى الأبد
نأتي الآن للحديث عن نبوءات اشد من السابقة وهي المتعلقة بوعود يسوع لتلاميذه وأتباعه بالحياة الأبدية وعدم موتهم إلى الأبد!
- خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني،
وأنا أُعطيها حياة ابدية ولن تهلك الى الابد ولا يخطفها أحد من يدي. (يوحنا 10: 27: 28)
في هذا النص يقول يسوع أن تلاميذه يعرفون صوته ويتبعونه، وانه سيُعطيهم حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد، وانه لن يستطيع أحد أن يخطفها من يديه، وهذا دليل على ان يسوع كان يتنبأ بعدم موت تلاميذه إلى الأبد اذا هم تبعوه.
وهنا وفي ظل الواقع المشاهد والمعلوم من موت التلاميذ جميعاً وموت أتباعهم المتتالي جيلاً بعد جيل منذ أكثر من تسعة عشر قرناً، تتصدى جميع الكنائس بالقول بان هذه النتيجة ليست صحيحة، وان المقصود بالحياة الأبدية هي الحياة في اليوم الأخير، وأنا أقول انه يمكن للكنائس أن تقولوا ما تشاء وتفسر هذه النبوءة كما تريد ولكن النصوص تظهر وبكل وضوح أن قصد يسوع في كلامه ههنا إنما هو الحياة الأبدية وعدم الموت في هذه الدنيا وبعد ذلك يكون لهم أيضاً حياة في اليوم الأخير.
وأول دليل على أن المقصود بالحياة الأبدية هو هذه الحياة الدنيا وانهم لن يموتوا إلى الأبد هو ما قاله يوحنا في إنجيله:
- الذين اعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم احد،
إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب. (يوحنا 17: 12)
فهذا النص جاء بعد أن قال النص الأول وبعد أن ارتد يهوذا وقام بتسليمه، وبعيداً عن الحديث عن كلامه الذي تزول السماء والأرض ولا يزول، إلا أننا نجد في النص الأول كلاماً عامّاً حول حفظه لجميع خرافه، أي تلاميذه وأتباعه، وإعطائهم حياة أبدية وفي النص الثاني يُخرج يهوذا من هذا الحفظ بعد خيانته، وهذا يعني أن ليس كل ما يقوله لا يزول لأننا نجد أن يهوذا قد زال من النص الثاني.
أقول بعيداً عن موضوع زوال كلامه من ثباته، إن إعادة صياغة وعده بحفظ تلاميذه من الهلاك إنما هو للتأكيد على أن كلامه الأول ووعده للتلاميذ ما زال سارياً بان يحفظهم من الهلاك وان يعطيهم حياة أبدية وان لا يهلكوا إلى الأبد، وللتأكيد على أن تلاميذه كانوا يظنون أنهم لن يموتوا وسيعيشون إلى الأبد سأقرأ النص التالي من إنجيل يوحنا:
قال له، أي لبطرس، إن كنت أشاء انه، أي يوحنا، يبقى حتى أجيء فماذا لك، اتبعني أنت،
فذاع هذا القول بين الإخوة إن ذلك التلميذ لا يموت،
ولكن لم يقل يسوع انه لا يموت،
بل إن كنت أشاء انه يبقى حتى أجيء فماذا لك. (يوحنا 21: 22-23)
فنحن نرى أن مسألة حياة بعض التلاميذ حتى عودة يسوع كانت مطروحة وبشكل جدّي مما استدعى من يوحنا الرد على هذه المسألة في إنجيله، وذيوع هذا القول بان يوحنا لا يموت ليس هو في الحقيقة فهماً لما قاله يسوع عنه في هذا النص فقط، بل هو نتيجة لما قاله يسوع أيضاً من نبوءات سابقة بأنه لن يذوق الموت جميع تلاميذه قبل أن يروه عائداً ومقبلاً عليهم بمملكته كما أوضحت ذلك في النبوءات السابقة، وبما أن يوحنا عاش أكثر من باقي التلاميذ، لان أكثرهم ماتوا قبله، فقد ذاع القول بعدم موته، لأنهم كانوا يصدقون كل ما قاله يسوع من نبوءات تتحدث عن عودته قبل موت جميع تلاميذه، فهم كانوا يعتبرون ان بقاء يوحنا حيّاً إلى تلك الفترة دليل على أن نبوءات يسوع التي تتحدث عن عودته ما زالت ممكنة الحدوث، كما ان قول يسوع أن جميع التلاميذ لن يموتوا ويهلكوا إلى الأبد وان منهم من سيبقى حياً حتى مجيئه في المرة الثانية كان بولس يؤمن به كما في النصين التاليين:
- هو ذا سرّ أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير. (كورنثوس الاولى 15: 51)
فلا تخجل بشهادة ربنا ولا بي أنا أسيره بل اشترك في احتمال المشقات لأجل الانجيل بحسب قوة الإله الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية،
إنما أُظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الانجيل، الذي جُعلتُ أنا له كارزاً ورسولاً ومُعلماً للأُمم،
لهذا السبب احتمل هذه الأمور أيضاً، لكنني لست اخجل لأنني عالم بمن آمنت ومؤمن أنه قادر أن يحفظ وديعتي الى ذلك اليوم. (2تيموثاوس 1: 8-12)
ولهذا كان كلما مات أحد من أتباعه يُحدث موته مشكلة عندهم، لأنهم كانوا يصدقون أنهم لن يموتوا إلى الأبد حتى مجيء يسوع مرة ثانية ويدخلون في مملكته، مما استدعى تدخله لتهدئة هؤلاء الأتباع، كما في النص التالي:
- ثم لا أُريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم،
لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الإله أيضاً معه،
فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب،
إننا نحن الأحياء الباقين الى مجيء الرب لا نسبق الراقدين،
لأن الرب نفسه بهتافٍ بصوت رئيس ملائكة وبوق الإله سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولاً،
ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء،
وهكذا نكون كل حين مع الرب.
لذلك عَزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام. (1تسالونيكي 4: 13-18)
ولكن بعد موت يوحنا وبولس وانقضاء مئات السنين بعدهما، تأتي الكنائس لتقول إن يسوع كان يقصد الحياة الآخرة، وأنا أقول لهم كما قال بولس لأتباعه عَزّوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام!
نبوءة يسوع عن عدم هلاك شعرة من رؤوس تلاميذه
وللتأكيد على أقوال يسوع السابقة، وان تلاميذه لن يموتوا إلى الأبد حتى يدخلوا معه في مملكته قال لهم النبوءة التالية:
- وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي،
ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك،
بصبركم اقتنوا انفسكم. (لوقا 21: 17-19)
في هذا النصّ يقول يسوع إن شعرة من رؤوس التلاميذ لا تهلك، وهي نبوءة لم تتحقق، كما تعلم الكنائس المختلفة كلها، وكما هو واقع الحال، إذ أن جميع التلاميذ هلكوا وهلكت أجسادهم ولحومهم وعظامهم وكذلك شعور رؤوسهم!
ولكن عدم تحقق هذه النبوءة على لسان يسوع كما قال لوقا، لم يمنعه من كتابتها على لسان بولس وتحققها كما كتب في أعمال الرسل، فقد كتب في أعمال الرسل عن ذهاب بولس إلى روما بالسفينة، وفي سفرهم واجهوا عاصفة كادت تُغرق السفينة فوقف بولس وطمأن المسافرين معه، وقال:
- لذلك التمس منكم أن تتناولوا طعاماً لأن هذا يكون مفيداً لنجاتكم،
لأنه لا تسقط شعرة من رأس واحد منكم. (أعمال الرسل 27: 34) 
ثم يكمل لوقا قصته ويتحدث عن نجاة السفينة ويُنهيها بقوله:
فهكذا حدث أن الجميع نجوا الى البر. (أعمال الرسل 27: 44)
فلوقا يقول إن الجميع نجوا كما تنبأ بولس بأن شعرة واحدة لا تسقط من رأس أي واحد ممن كان معه في السفينة، ولكنه كتب في إنجيله ان يسوع تنبأ بما تنبأ به بولس من عدم هلاك شعرة من رؤوس التلاميذ ولكنهم هلكوا وهلكت معهم شعورهم كلها، وما هو أغرب مما سبق هو أن لوقا عندما كتب إنجيله كان كثير من التلاميذ قد ماتوا كما كتب في أعمال الرسل، فلماذا كتب هذه النبوءة على لسان يسوع وهو يعلم أنها غير صحيحة؟!
نبوءات يسوع عن عدم موت من يحفظ أقواله ويؤمن به
- الحق اقول لكم ان كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت الى الأبد. (يوحنا 18: 51)  
هذا النص من الوضوح بما لا يدع مجالاً لأي قول أو تفسير من الكنائس المختلفة، إذا كانت تتبع يسوع وتحفظ أقواله، فهنا يقول يسوع ان من يحفظ كلامه فلن يرى الموت إلى الأبد.
فهل بعد هذا القول الواضح والذي لا مدخل فيه لأي لبس أو شكّ يمكن أن يأتي أحد ويقول لنا إن يسوع لم يتنبأ، أو لم يَعِد، تلاميذه وأتباعه الذين يحفظون كلامه بعدم الموت إلى الأبد، إلا إذا قال إن جميع التلاميذ وأتباعهم في الحقيقة ليسوا من أتباعه، لأنهم ماتوا ويموتون كل يوم، أو يقول انه لم يوجد أحد منهم حفظ كلامه على مدار التاريخ ولهذا فهم ماتوا ويموتون؟!
هل هذه النصوص وحدها فقط التي تنبأ بها وقالها يسوع بخصوص منحه الحياة الأبدية لتلاميذه وأتباعه؟
لنلق نظرة على النص التالي:
نبوءة يسوع عن عدم موت من يؤمن به
الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة ابدية،
 أنا هو خبز الحياة،
آباؤكم أكلوا المنّ في البريّة وماتوا،
هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الانسان ولا يموت،
أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء،
إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد،
والخبز الذي أنا اعطي هو جسدي،
الذي أبذله من أجل حياة العالم،
فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم ان لم تأكلوا جسد ابن الانسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة في انفسكم،
من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية،
وأنا اقيمه في اليوم الاخير،
هذا هو الخبز الذي نزل من السماء،
ليس كما أكل آباؤكم المنّ وماتوا،
من يأكل هذا الخبز فانه يحيا الى الابد. (يوحنا 6: 47-59)
في هذا النص نقرأ أن يسوع يقول، وبصيغة الواثق من كلامه الذي تزول السماء والأرض وكلامه لا يزول، ويستخدم القسم بتكرار قوله الحق الحق أقول لكم، وهذه الصيغة هي أشد ما يستخدمه يسوع للتدليل والتأكيد على صدقه، ان من يؤمن به فله حياة أبدية، وقد يعترض أحدهم كما اعترض على النصوص السابقة، بالقول انه يقصد الحياة الآخرة.
ولكن يأبى يسوع إلا أن يوضح كلامه لهذا المعترض وغيره، بأن قصده إنما هو الحياة الدنيا بقوله لليهود إن آبائكم أكلوا المنّ في البرية وماتوا، فلو انه قصد الحياة الآخرة لما كان لهذه الجملة معنى لأنه في الحياة الآخرة لا بد أن يكون من اليهود من يحيا إلى الأبد مثل موسى وهارون وباقي أنبياء بني إسرائيل والمؤمنون من اليهود، فيسوع كان يقصد الحياة الدنيا ولهذا زاد في توضيح معنى كلامه حتى لا يأتي أحد فيما بعد ويقول انه كان يقصد الآخرة فقال عن نفسه انه هو خبز الحياة النازل من السماء وانه الخبز الحي لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت، وان من أكل من هذا الخبز فانه يحيا إلى الأبد، وليس بعد هذا التوضيح من يسوع نفسه لمقاصد كلامه من توضيح، فهو يُصرّ على القول ويؤكد أن من يؤمن به ويأكل جسده فانه يحيا إلى الأبد، وهذا يدل على أن الكنائس المختلفة وهم يحتفلون بأكل الخبز مدّعين أنهم يأكلون جسد يسوع إنما يأكلون خبزاً لا يمتّ لجسد يسوع بصلة، لأنهم لو كانوا يأكلون جسد يسوع الحقيقي فيسوع يعدهم بان يحيوا إلى الأبد، وهم يموتون في كل يوم منذ أكثر من تسعة عشر قرناً!
فإن اصرّت الكنائس على القول بان ما قاله يسوع ليس على الحقيقة، وإنما كان يقصد الحياة الآخرة فهم يقولون كما قال كثير من التلاميذ إذ سمعوه يقول هذا القول، كما في النص التالي:
- فقال كثيرون من تلاميذه اذ سمعوا،
إن هذا الكلام صعب،
من يقدر أن يسمعه،
من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه الى الوراء ولم يعودوا يمشون معه. (يوحنا 6: 60-66)
فكل من لا يصدق يسوع في أقواله هذه فهو يقول إن هذا الكلام صعب، من يقدر أن يسمعه!
وللتأكيد على أن أقواله تعني الحياة وعدم الموت الى الأبد قام بإحياء لعازر كما كتب يوحنا في إنجيله، وهذه القصة سأُناقشها بالتفصيل في فصل معجزات يسوع ولكن في هذا المقام سأقتطف منها الفقرات التي تتعلق بنبوءات يسوع عن عدم موت تلاميذه وبقائهم أحياء إلى الأبد.
- فلما سمعت مرثا أن يسوع آت لاقته،وأما مريم فاستمرت جالسة في البيت،
فقالت مرثا ليسوع يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي،
لكني الآن أيضاً أعلم ان كل ما تطلب من الإله، يُعطيك الإله إيّاه،
قال لها يسوع سيقوم أخوك،
قالت له مرثا أنا أعلم انه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير،
قال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة،
من آمن بي ولو مات فسيحيا،
وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت الى الأبد،
أتؤمنين بهذا،
قالت له نعم يا سيد، انا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الإله الآتي الى العالم. (يوحنا 11: 20-27)
كما نقرأ في النص فإن مرثا عندما التقت بيسوع سارعت بالقول له لو كنت يا سيد ههنا لم يمت أخي، فيرد عليها يسوع قائلاً سيقوم أخوك، وكما يتبادر إلى ذهن أي إنسان يستمع إلى إنسان آخر يتحدث عن قيامة الأموات من قبورهم، أجابت بالقول أنا أعلم انه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير، وهو نفس جواب الكنائس إلى هذا اليوم بان المقصود بمن مات مؤمناً بيسوع فانه سيحيا في القيامة في اليوم الأخير، كما نقرأ ونسمع منهم.
ولكن بماذا رد يسوع على فهم مرثا لقوله إن أخوها سيقوم بأن المقصود منه هو القيامة في اليوم الأخير؟
قال لها يسوع لتوضيح معنى كلامه بشكل لا يقبل التأويل أنا هو القيامة والحياة، ولم يكتف بهذا القول بل زاد الأمر توضيحاً لمرثا، ولمن يأتي من بعدها ممن يحاول أن يفسر كلامه كما تشتهي نفسه، فقال لها للتأكيد مرة أُخرى وبشكل أوضح من السابق من آمن بي ولو مات فسيحيا.
هل هذا فقط أي إن من مات مؤمنا بيسوع فسيحيا؟
كلا، ليس فقط من آمن بيسوع ومات فسيحيا، بل وكل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد!
فهل يجرؤ أحد أن يغير هذا الكلام ليسوع الذي يقول فيه ان كل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد، وإذا كان هذا الكلام غير مفهوم المعنى فما هو الكلام المفهوم؟!
نبوءة يسوع عن عدم موت الأطفال الذين كانوا في زمانه
- هكذا ليست مشيئة أمام أبيكم الذي في السماء أن يَهلك أحدُ هؤلاء الصغار. (متّى 18: 14)
في هذا النص نقرأ أن يسوع يتنبأ ويُخبر عن أب التلاميذ الذي في السماء انه ليست مشيئة أمامه أن يهلك أحد هؤلاء الصغار.
ولكن هل تحققت هذه النبوءة عن أب التلاميذ الذي في السماء؟
الكنائس المختلفة تعلم أن هذه النبوءة ليست صحيحة، ولم تتحقق، لأن جميع هؤلاء الأطفال الذين تحدث عنهم يسوع وقال إن مشيئة أب التلاميذ الذي في السماء لا تقف أمامها مشيئة في عدم هلاكهم قد ماتوا وهلكوا منذ مئات السنين، وكذلك تعلم الكنائس أن مشيئة خالق السموات والأرض أن يهلك كل من على الأرض من الإحياء سواء الكبار منهم أو الصغار، فمن تحققت مشيئته أب التلاميذ الذي في السماء أم مشيئة خالق السموات والأرض؟!
نبوءة يسوع عن أجر تلاميذه وأتباعه
هذه النبوءة والنبوءات التالية يمكن كتابتها تحت عنوان وعود يسوع، لأنها تتحدث عن وعود وعد بها يسوع التلاميذ وأتباعهم، ويمكن أيضاً اعتبارها نبوءات أيضاً لسببين، الأول أنها تتحدث عن أُمور ستقع في المستقبل، والثاني أن النبي الصادق أو مدعي الأُلوهية يجب أن تكون كلماته كلها صادقة، وعدم صدق كلماته دليل على كذب دعواه تلك، كما قال الرب في النصين أول هذا الفصل، لهذا وضعتها في هذا الفصل.
- فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا،
فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر،
وكل من ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو إماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي،
يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية. (متّى 19: 27-29)
وابتدأ بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أُماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأُمهات وأولاداً وحقولاً مع اضطهادات،
وفي الدهر الأتي الحياة الأبدية. (مرقس 10: 28-30)
- فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فقال لهم الحق أقول لكم إن ليس أحد ترك بيتاً أو والِدَين أو إخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل مملكة الإله، إلا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة،
وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية. (لوقا 18: 28-30)
هذه مجموعة أخرى من النصوص كتبت في ثلاثة أناجيل، نقرأ فيها أن يسوع يتنبأ ويَعِد تلاميذه جواباً لسؤال من بطرس عمّا يكون لهم بعد أن تركوا كل شيء وتبعوه.
يتنبأ يسوع ويَعِدْ تلاميذه بأنه متى جلس على كرسي مجده، أن يُجلسهم على اثني عشر كرسياً يدينون منها أسباط إسرائيل الاثني عشر، وأول مشكلة واجهت التلاميذ في صحة هذه النبوءة هي ارتداد يهوذا الاسخريوطي الذي قام بتسليم يسوع لليهود، كما تقول الأناجيل، فقام لوقا في أعمال الرسل بكتابة قصة عن اختيار تلميذ بديل ليهوذا، كنت قد بينت ما فيها من أخطاء وتناقضات عند الحديث عن نهاية يهوذا في هذا الكتاب، ليحل مشكلة عدم تحقق جلوس التلاميذ الاثني عشر على اثني عشر كرسياً ليحكموا أسباط إسرائيل الاثني عشر.
- فأقاموا اثنين يوسف الذي يدعى بارسابا ومتياس،
وصلّوا قائلين أيها الرب العارف قلوب الجميع عيّن أنت من هذين الاثنين أيّاً اخترته،
ليأخذ قرعة هذه الخدمة والرسالة التي تعدّاها يهوذا ليذهب مكانه،
ثم القوا قرعتهم فوقعت القرعة على متياس فحُسب مع الأحد عشر رسولاً. (أعمال الرسل 1: 23-26)
فكما نقرأ فإن التلاميذ، كما يقول لوقا، اختاروا واحداً آخر بديلاً عن يهوذا بالقرعة حتى يظل عدد التلاميذ متطابقاً مع عدد أسباط إسرائيل وبالتالي يجلس اثني عشر تلميذاً على اثني عشر كرسياً يدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر حتى لا يبقى سبط بدون تلميذ يدينه!
ولكن ماذا سيفعل كتبة العهد الجديد في باقي وعود يسوع لتلاميذه في هذه النبوءة؟
لنلق نظرة على هذه الوعود، يقول متّى على لسان يسوع إن كل من ترك من أجل اسمه، وفي إنجيل مرقس من أجله ومن أجل الإنجيل وفي إنجيل لوقا من أجل مملكة الإله:
بيوتاً أو بيتاً،
أو إخوة،
أو أخوات،
أو أباً،
أو أُماً،
أو امرأة،
أو أولاداً،
او حقولاً.
ماذا سيأخذ إذا تركها كلها أو بعضها؟
يقول يسوع انه سيأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية.
وفي النص الثاني يقول يأخذ مائة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأُمهات وأولاداً وحقولاً مع بعض الاضطهاد وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية.
وفي النص الثالث يقول انه سيأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية.
وأنا أود أن أسأل هل تعتبر الكنائس هذه النصوص من كلام يسوع الذي تزول السماء والأرض ولكن كلامه لا يزول، أم إن هذه النصوص زائلة؟
من خلال استعراض حياة التلاميذ نجد أنهم كما قال بطرس قد تركوا كل شيء وتبعوه، فهل أخذوا أي شيء مقابل ما تركوه؟
تقول الأناجيل ان بطرس وأخاه اندراوس تركا السفينة التي كانت لهما، ومع هذا لم تذكر الأناجيل أو كتاب أعمال الرسل الذي كتبه لوقا أو الرسائل الأُخرى أو أي كتاب تحدث عن تاريخ التلاميذ أن بطرس وأخاه اندراوس أخذا مائة سفينة مقابل السفينة التي تركاها لأجل يسوع ولأجل الإنجيل ولأجل مملكة الإله! وكذلك الحال مع يوحنا وأخيه يعقوب اللذان تركا سفينتهما وأباهما وتبعا يسوع، لا بل إن تلك المصادر تخبرنا أن التلاميذ كانوا يعيشون في ضنك، وكانوا يقومون بالأعمال اليدوية لينفقوا على أنفسهم، فأين هذه الوعود من هؤلاء التلاميذ؟
وإذا كان هذا الحال من عدم تطبيق هذه النبوءة وتلك الوعود للتلاميذ الذين هم بحسب قوله رسلاً فكيف الحال بمن جاء بعدهم؟
فالجميع يعلم إن كل من دخل إلى حظيرة الكنائس منذ أكثر من تسعة عشر قرناً لم يأخذ أيّ منهم أيّاً من هذه الوعود التي وعدها يسوع لهم!
وأنا أتساءل لماذا زالت هذه الوعود ولم تتحقق في حياة التلاميذ وأتباعهم وهو يقول ان كلامه لا يزول كما في النصوص التالية؟
السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (متّى 24: 35)
السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (مرقس 13: 31) 
السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (لوقا 21: 23)
ثم بإلقاء نظرة على تلك الوعود هل نجدها قابلة للتحقيق سواء من ترك شيئاً لأجل اسمه أو لأجل الإنجيل أو لأجل مملكة الإله؟
لنأخذ بعض الأمثلة من تلك الوعود:
إذا ترك رجل أُمه لأجل يسوع والإنجيل ومملكة الإله كيف سيأخذ مائة أُم؟
أو إذا ترك رجل أباه لأجل يسوع والإنجيل ومملكة الإله كيف سيأخذ مائة أب؟
أما إذا ترك رجل امرأته لأجل يسوع والإنجيل ومملكة الإله فكيف ومتى وأين سيأخذ مائة امرأة؟
وأخيراً إذا تركت امرأة رجلها من أجل يسوع والإنجيل ومملكة الإله، كيف ستأخذ مائة رجل، وأين تأخذهم، ومتى؟؟!!
نبوءات يسوع عن أن كل من يؤمن به سوف يعمل المعجزات التي عملها
- وفي الصباح اذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الاصول، فتذكر بطرس وقال له يا سيدي انظر،
التينة التي لعنتها قد يبست،
 فأجاب يسوع وقال لهم ليكن لكم ايمان بالإله،
لأني الحق اقول لكم ان من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن ان ما يقوله يكون فمهما قال يكون له،
لذاك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا ان تنالوه فيكون لكم. (مرقس 11: 20-24)
في هذا النص يقول يسوع لتلاميذه أنه إن كان لهم إيمان بالإله ولا يشكون فإنهم لو قالوا للجبال انتقلي وانطرحي في البحر لأطاعتهم الجبال، وان كل ما يطلبونه وهم غير شاكين فانه يكون لهم.
وهذه النبوءة لا يشك أحد في أنها لم تتحقق، وانه على مدار التاريخ لم يُسجل لنا أن أحداً من التلاميذ وأتباعهم قام بطرح جبل في البحر، لا  بل ولا حتى حجراً صغيراً دون أن يستخدم يده في طرحه!
- فأجاب يسوع وقال لهم الحق أقول لكم إن كان لكم إيمان ولا تشكون فلا تفعلون أمر التينة فقط بل ان قلتم لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون، وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه. (متّى 21: 21-22)
وهذه النبوءة كسابقتها، من يقول انها تحققت في أي يوم، منذ أكثر من تسعة عشر قرناً، وكم هي مطالب التلاميذ وأتباعهم التي طلبوها خلال أكثر من تسعة عشر قرناً ولم ينالوا منها شيئاً؟
- الحق أقول لكم من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها، لأني ماض الى أبي،
ومهما سألتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الأب بالابن، ان سألتم شيئاً باسمي فاني أفعله. (يوحنا 14: 12-14)
وفي هذا النص يتنبأ يسوع، ويعطي وعوداً أكثر وأكبر من النصوص السابقة، لأنه في هذا النص يَعِد كل من يؤمن به انه سيعمل الأعمال التي عملها هو نفسه من إحياء الموتى وشفاء المرضى من العميان والصم والبرص وغيرها، لا بل إنه زاد في وعوده لأتباعه، ممن يؤمن به، أنهم سيعملون أعظم مما عمل، فهل حدث هذا الوعد في التاريخ مع أحد أتباع الكنائس؟!
ويزيد يسوع في الوعد قائلاً مهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجّد الأب بالابن، فهل هم قاموا بعمل أشياء ليمجّدوا الأب بالابن، أم أنهم لم يسألوا أي شيء، لهذا لم يقوموا بأي عمل وعدهم يسوع بتحقيقه إذا هم طلبوه أو سألوه؟!
- فقال الرسل للرب زد إيماننا،
فقال الرب لو كان لكم ايمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم. (لوقا 17: 5-6)
هذا النص هو بيت القصيد من كل تلك الأقوال والنصوص، فكما نقرأ فإن الرسل، أي التلاميذ، قالوا للرب، أي يسوع، زد إيماننا، وهذا يدل على ما كان يحسّ به التلاميذ من ضعف إيمانهم لما يجدونه من صعوبة في الإيمان بكثير من أقواله، كما هو واقع الحال عندما تحدث عن جسده انه مأكل حق، وان من يؤمن به لا يموت إلى الأبد، وغيرها من الأقوال التي مرّت معنا، وستمرّ كذلك، فقال لهم الرب، أي يسوع، لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم!
وعندما يسمع إنسان هذا النص فأول ما يتبادر الى ذهنه سؤال وهو هل لو اجتمع كل أتباع الكنائس المختلفة على وجه الأرض، وليس واحداً منهم أو مجموعة، وقالوا هذا القول لجميزة هل تطيعهم وتنغرس في البحر؟
نبوءة يسوع عن تحقيق كل ما يطلبه أتباعه
- الحق الحق أقول لكم ان كل ما طلبتم من الأب باسمي يعطيكم، الى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي،
اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً. (يوحنا 16: 23-24)
في هذا النص يستعمل يسوع أشد صيغ التأكيد على صدق كلامه بتكرار كلمة الحق وهذه الصيغة استعملها يسوع في مواضع عدة من إنجيل يوحنا كما استعمل صيغة الحق بدون تكرار في باقي الأناجيل، ومع هذا الاستعمال للصيغ إلا أننا نلاحظ انه ما من مرة استعملها وتحقق كلامه أو وعده كما مرّ معنا سابقاً.
من قراءتنا للنص وتنزيله على واقع التلاميذ والكنائس المختلفة خلال تسعة عشر قرناً نجد أنه ليس كل ما يطلبه التلاميذ والكنائس يتحقق لهم، فهذه النبوءة، أو الوعد، غير صحيحة.
وقد يتساءل أحدهم فيقول وما يدريك انه لم يتحقق كل ما طلبوه من الأب باسم يسوع؟
فأقول إن الإنسان أول وأهم ما يطلب في حياته هو المحافظة على من يُحب، كما قال يسوع في النص التالي:
ليس لأحد حبٌ أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه. (يوحنا 15: 13)
فلماذا لم يجتمع التلاميذ ويطلبوا من أب يسوع أن لا يصلب يسوع على الخشبة، وكذلك الحال بالنسبة لما جرى مع باقي التلاميذ من قتل وصلب وتعذيب؟!
أم أن الأمر لن يتغير بطلبهم النجاة ليسوع من الصلب، ويكون قول يسوع لهم بان كل ما يطلبوه من أبيه  باسمه لن يتحقق كله، وبالتالي نجد أن كلام يسوع ليس كما قال هو عنه إن السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول؟
وإذا كان طلبهم في حفظ يسوع من الصلب غير مُحقق فماذا يمكن للإنسان أن يطلب باسمه بعد ذلك ويتحقق؟
ثم يعقب يسوع بالقول أنتم إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي ثم يؤكد ثقته بكلامه مرة ثانية فيقول اطلبوا تأخذوا!
إن من يقرأ الأناجيل يعلم ان يسوع نفسه لا يُعطي كل ما يُطلب منه مباشرة فكيف إذا طلب أحد باسمه، والدليل على هذا هو طلب يوحنا ويعقوب الجلوس عن يمين يسوع وعن يساره في مملكته ومع هذا فلم يُعطهما ما طلبا، كما في النص التالي:
- وتقدم اليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين يا معلم نريد ان تفعل لنا كل ما طلبنا،
فقال لهما ماذا تريدان أن أفعل لكما،
فقالا له أعطنا ان نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك،
فقال لهما يسوع لستما تعلمان ما تطلبان،
أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا،
فقالا له نستطيع،
فقال لهما يسوع أما الكأس التي أشربها أنا فتشربانها وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان ،
وأما الجلوس عن يميني فليس لي أن أُعطيه الا للذين أُعد لهم. (مرقس 10: 35-40)
كما نلاحظ فإن يوحنا ويعقوب طلبا الجلوس فماذا كان رد يسوع؟
يسوع يقول لهما إن الجلوس عن يميني ليس لي أن أُعطيه إلا للذين أُعد لهم، فهو لم يعطهم ما طلبوا!
بهذا نكون قد اطلعنا على معظم نبوءات يسوع، وكما قرأنا فإنه لم يتحقق منها شيء باستثناء كلامه عن تدمير الهيكل، فهل يمكن وضع يسوع في مكانة مساوية لأنبياء بني إسرائيل، فضلاً عن وضعه في المكان الذي وضعته فيه قوانين إيمان الكنائس المختلفة كإله وابن إله وأحد الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق