الأربعاء، 28 يناير 2015

مقدمة كتاب يسوع ابن يوسف النجار ... أسئلة حائرة

المقدمة

هذا الكتاب
إن هذا الكتاب لا يُقصد به الإساءة لطائفة من الناس أو التهجم على أحد بعينه، ولا تشجيع الآخرين على الإساءة أو التهجم على أحد، ولا هو ردّ بالمثل على ما يثيره البعض من مشاغبات وشبهات.
وإنما هو محاولة للكشف عن حقيقة ما هو موجود في الأناجيل من معلومات وقصص تسعى الكنائس للقول أنها حقائق لا تحتمل الخطأ وأنها العهد الجديد للبشرية.
عنوان الكتاب
يسوع بن يوسف النجار أم يسوع المسيح؟
إن عنوان الكتاب ليس هو من باب الإثارة والدعاية، وإنما لتقرير حقيقة غفلت عن الكثير من الناس، وذلك بالخلط بين يسوع بن يوسف النجار والمسيح الذي جاء ذكره في أسفار العهد القديم، وهذا الخلط والاشتباه كان قائماً منذ زمن يسوع مما استدعى أن يوضحه بنفسه في ثلاثة نصوص مذكورة في ثلاثة أناجيل، وهي كما يلي:
- وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائلاً ماذا تظنون في المسيح، ابن من هو،
قالوا له ابن داوُد،
قال لهم فكيف يدعوه داوُد بالروح رباً قائلاً، قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك،
فإن كان داوُد يدعوه رباً فكيف يكون ابنه،
فلم يستطع أحد أن يُجيبه بكلمة، ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله بتة. (متّى 22: 41-46)
- ثم أجاب يسوع وقال وهو يُعلم في الهيكل كيف يقول الكتبة أن المسيح ابن داوُد، لأن داوُد نفسه قال بالروح المقدس قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك،
فداوُد نفسه يدعوه رباً فمن أين هو ابنه،
وكان الجمع الكثير يسمعه بسرور. (مرقس 12: 35-37)
- وقال لهم كيف يقولون إن المسيح ابن داوُد،
وداوُد نفسه يقول في كتاب المزامير قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك،
فإذاً داوُد يدعوه رباً فكيف يكون ابنه. (لوقا 20: 41-44)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع يقول إن المسيح ليس ابن داوُد!
ونحن نعلم أن الأناجيل والكنائس المختلفة تقول ان يسوع هو ابن داوُد، وهذا من المسلمات عندهم، حتى أن متّى ولوقا وضعا له في إنجيليهما نسبين نسبوه فيهما لداوُد، كما في النصين التاليين:
- كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داوُد ابن إبراهيم. (متّى 1: 1)
- ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي .... بن داوُد ..... بن آدم. (لوقا 3: 23-28)
وعندما أخبر جبرائيل مريم بحبلها بيسوع قال لها أنها ستلد ابناً من نسل داوُد ويملك على كرسي داوُد أبيه إلى الأبد كما في النص التالي:
- وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسميه يسوع،
ويكون عظيماً وابن العلي يُدعى،
ويعطيه الرب كرسي داوُد أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية. (لوقا 1: 31-33)
كما ان فيلبس عندما التقى بنثنائيل ودعاه لإتباع يسوع قال له:
- فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة. (يوحنا 1: 45)
فهذه النصوص وغيرها استدعت من يسوع التدخل وتوضيح الأمر قبل صلبه بأُسبوع تقريباً، فقال كما في النصوص السابقة إن المسيح ليس ابن داوُد، وبما أن الأناجيل والكنائس المختلفة ما زالت تقول ان يسوع هو المسيح فقد سعيت لتوضيح المسألة مرة ثانية، واثبات أن المسيح ليس ابن داوُد كما قال يسوع، وبالتالي فان يسوع الذي تقول عنه الأناجيل والكنائس انه ابن داوُد من ناحية الجسد ليس هو المسيح.
فعنوان الكتاب والكتاب نفسه إنما هو استكمال وتوضيح لأقوال يسوع السابقة من أن المسيح ليس ابن داوُد، وبما أن يسوع هو ابن داوُد فهذا يعني أنه ليس المسيح.
فهل سيسمع أتباع الكنائس الطيبين الآن، وبعد أن تم تجاهل هذه الحقيقة مئات السنين، بسرور كما سمع الجمع يسوع بن يوسف النجار عندما قال لهم ان المسيح ليس ابن داوُد، ولا يجسروا على طرح الأسئلة كما لم يجرؤ من سمع يسوع يقول ان المسيح ليس ابن داوُد؟
أم أنهم سيكونون مثل الصدوقيين الذين ينكرون القيامة الذين جادلوا يسوع بن يوسف النجار بشأن قيامة الأموات والنعيم في الفردوس فقال لهم: تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الإله؟! (متّى 22: 29)
وأنا أتمنى أن يكونوا من الصنف الأول ويفرحوا عندما تظهر لهم حقيقة أن يسوع بن يوسف النجار ليس هو المسيح الذي بشرت به أسفار العهد القديم.
وأما ما تقوله قوانين إيمان الكنائس عن يسوع بن يوسف النجار من أنه إله وابن إله والأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، فهذا ما سأُظهر حقيقته في الكتاب الثاني من هذه السلسلة، وهو كتاب شخصيات الأناجيل، وان كان هذا الكتاب وهو يُظهر أن يسوع بن يوسف النجار ليس هو المسيح، فانه سيُظهر كذلك في العديد من المواضع أنه لا علاقة ليسوع بن يوسف النجار بما كتبته عنه قوانين إيمان الكنائس من صفات، وكذلك سيُظهر خطأ فكرة وجود الأقانيم  أصلاً، ووجود أية علاقة لها بالرب خالق السموات والأرض.
أسئلة حائرة
إن الحيرة هي السمة البارزة التي يخرج منها ليس قارئ الأناجيل وحده فقط، وإنما كل من سمع بيسوع أو عاش معه أو شاهده، وهذه الحيرة امتدت عبر الزمان والمكان فتجد أن تلاميذه كانوا حائرين كما في النصوص التالية:
- فنظر يسوع حوله وقال لتلاميذه ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى مملكة الإله،
فتحيّر التلاميذ من كلامه،
فأجاب يسوع أيضاً وقال لهم يا بَنيّ ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى مملكة الإله،
مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى مملكة الإله،
فبهتوا إلى الغاية،
قائلين بعضهم لبعض فمن يستطيع أن يخلص. (مرقس 10: 23-26) و(لوقا 18: 24-26)
- بل بعض النساء منا حيرننا إذ كن باكراً عند القبر،
ولما لم يجدن جسده أتين قائلات أنهن رأين منظر ملائكة قالوا أنه حي،
ومضى قوم من الذين معنا إلى القبر فوجدوا هكذا كما قالت النساء وأما هو فلم يروه. (لوقا 24: 22-24)
- فخرجن سريعاً وهربن من القبر،
لأن الرعدة والحيرة أخذتهن،
ولم يقلن لأحد شيئاً لأنهن كن خائفات. (مرقس 16: 8)
- لما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيُسَلّمني، فكان التلاميذ ينظرون بعضهم إلى بعض وهم محتارون في من قال عنه،
وكان متكئاً في حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يُحبه،
فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذي قال عنه،
فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو،
أجاب يسوع هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأُعطيه،
فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطي،
فبعد اللقمة دخله الشيطان، فقال له يسوع ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة،
وأمّا هذا فلم يفهم أحد من المتكئين لماذا كلمه به،
لأن قوماً إذ كان الصندوق مع يهوذا ظنوا أن يسوع قال له اشتر ما نحتاج إليه للعيد، أو أن يُعطي شيئاً للفقراء. (يوحنا 13: 21-29)
- وكانوا في الطريق صاعدين إلى أورشليم ويتقدمهم يسوع،
وكانوا يتحيرون، وفيما هم يتبعون كانوا يخافون،
فاخذ ألاثني عشر أيضاً وابتدأ يقول لهم عما سيحدث له،
ها نحن صاعدون إلى أُورشليم وابن الإنسان يُسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويُسلمونه إلى الأمم فيهزؤون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه، وفي اليوم الثالث يقوم. (مرقس 10: 32-34)
وكانوا مندهشين ومتعجبين ومبهوتين منه ومن أقواله ومعجزاته وهي من دلائل الحيرة كما في النصوص التالية:
- فلما رأى سمعان بطرس ذلك خرّ عند ركبتي يسوع قائلاً اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ،
إذ اعترته وجميع الذين معه دهشة على صيد السمك الذي أخذوه،
وكذلك أيضاً يعقوب ويوحنا ابنا زبدي اللذان كانا شريكي سمعان. (لوقا 5: 8-10)
- إلا أن بطرس قام وركض إلى القبر فانحنى ونظر الأكفان موضوعة وحدها، فمضى متعجباً في نفسه مما كان. (لوقا 24: 12)
- فقال يسوع لتلاميذه الحق أقول لكم انه يعسر أن يدخل غنيّ إلى مملكة السماء وأقول لكم أيضاً إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى مملكة الإله،
فلما سمع تلاميذه بُهتوا جداً قائلين إذاً من يستطيع أن يخلص. (متّى 19: 23-25)
- وفي الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع،
فنظر شجرة تين على الطريق،
وجاء إليها فلم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً فقط،
فقال لها لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد، فيبست التينة في الحال،
فلما رأى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين كيف يبست التينة في الحال،
فأجاب يسوع وقال لهم الحق أقول لكم إن كان لكم إيمان ولا تشكون فلا تفعلون أمر التينة فقط بل إن قلتم أيضاً لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون، وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه. (متّى 21: 18-22)
فلما رأوه ماشياً على البحر ظنوه خيالاً فصرخوا،
لأن الجميع رأوه واضطربوا، فللوقت كلمهم وقال لهم ثقوا أنا هو لا تخافوا،
فصعد إليهم إلى السفينة فسكنت الريح فبهتوا وتعجبوا في أنفسهم جداً إلى الغاية،
لأنهم لم يفهموا بالأرغفة، إذ كانت قلوبهم غليظة. (مرقس 6: 49-52)
- وفي أحد الأيام دخل سفينة هو وتلاميذه،
فقال لهم لنعبر إلى عبر البحيرة ، فأقلعوا وفيما هم سائرون نام،
فنزل نوء ريح في البحيرة،
وكانوا يمتلئون ماء وصاروا في خطر،
فتقدموا وأيقظوه قائلين يا معلم يا معلم إننا نهلك،
فقام وانتهر الريح وتموّج الماء فانتهيا وصار هدوء،
ثم قال لهم أين إيمانكم ،
فخافوا وتعجبوا قائلين فيما بينهم من هو هذا، فانه يأمر الرياح أيضاً والماء فتطيعه. (لوقا 8: 22-25)
- ولما دخل السفينة تبعه تلاميذه، وإذا اضطراب عظيم قد حدث في البحر حتى غطت الامواج السفينة، وكان هو نائماً،
فتقدم تلاميذه وأيقظوه قائلين يا سيد نجّنا فإننا نهلك،
فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان،
ثم قام وانتهر الرياح والبحر فصار هدوء عظيم،
فتعجب الناس قائلين أي إنسان هذا فان الرياح والبحر جميعاً تطيعه. (متى 8: 23-27)
- فصرفوا الجمع وأخذوه كما كان في السفينة، وكانت معه أيضاً سفن أُخرى صغيرة، فحدث نوء ريح عظيم فكانت الأمواج تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ،
وكان هو في المؤخر على وسادة نائماً،
فأيقظوه وقالوا له يا معلم أما يهمك أننا نهلك،
فقام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت، ابكم،
فسكنت الريح وصار هدوء عظيم،
وقال لهم ما بالكم خائفين هكذا،  كيف لا إيمان لكم،
فخافوا خوفا عظيماً،
وقالوا بعضهم لبعض مَن هو هذا،
فإن الريح أيضاً والبحر يطيعانه. (مرقس 4: 36-41)
كما كان الخوف وعدم الفهم ملازماً لهم وهما يعبران عن الحيرة إذ لو كانوا مؤمنين لما أحسوا بالخوف وعدم الفهم، كما في النصوص التالية:
- وأخذ الاثني عشر وقال لهم ها نحن صاعدون إلى أُورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان،
لأنه يُسلم إلى الأُمم ويُستهزأ به ويُشتم ويُتفل عليه ويجلدونه ويقتلونه، وفي اليوم الثالث يقوم،
وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئا، وكان هذا الأمر مُخفىً عنهم،
ولم يعلموا ما قيل. (لوقا 18: 31-34)
- إن ابن الإنسان سوف يُسلم إلى أيدي الناس،
وأما هم فلم يفهموا هذا القول، وكان مُخفىً عنهم لكي لا يفهموه،
وخافوا أن يسألوه عن هذا القول. (لوقا 9: 45)
- فأخذوا سعوف النخل وخرجوا للقائه، وكانوا يصرخون أُوصنا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل،
ووجد يسوع جحشاً فجلس عليه كما هو مكتوب،
لا تخافي يا ابنة صهيون هو ذا ملكك يأتي جالسا على جحش أتان،
وهذه الأُمور لم يفهمها تلاميذه أولاً،
ولكن لما تمجّد يسوع حينئذ تذكروا أن هذه كانت مكتوبة عنه،
وأنهم صنعوا هذه له. (يوحنا 1: 23-16)
ورجعن من القبر وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله،
وكانت مريم المجدلية ويونا ومريم أُم يعقوب والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل،
فتراءى كلامهن لهم كالهذيان، ولم يصدقوهن. (لوقا 24: 9-11)
- بعد قليل لا تبصرونني، ثم بعد قليل أيضاً ترونني لأني ذاهب إلى الأب،
فقال قوم من تلاميذه بعضهم لبعض ما هو هذا الذي يقوله لنا بعد قليل لا تبصرونني ثم بعد قليل أيضاً ترونني ولأني ذاهب إلى الأب،
فقالوا ما هو هذا القليل الذي يقول عنه،
لسنا نعلم بماذا يتكلم. (يوحنا 16: 16-18)
- ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان، حينئذ تقدم تلاميذه وقالوا له أتعلم أن الفريسيين لما سمعوا القول نفروا، فأجاب وقال كل غرس لم يغرسه أبي السماوي يُقلع، اتركوهم هم عميان قادة عميان، وإن كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة،
فأجاب بطرس وقال له فسر لنا هذا المثل،
فقال لهم يسوع هل انتم أيضا حتى الآن غير فاهمين،
ألا تفهمون بعد أن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج، وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر، وذاك ينجس الإنسان، لان من القلب تخرج أفكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف، هذه هي التي تنجس الإنسان، وأما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجس الإنسان. (متّى 15: 11-20)
- ولما جاء تلاميذه إلى العَبَر نسوا أن يأخذوا خبزاً،
وقال لهم يسوع انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين،
ففكروا في أنفسهم قائلين إننا لم نأخذ خبزاً،
فعلم يسوع وقال لهم لماذا تفكرون في أنفسكم يا قليلي الأيمان إنكم لم تأخذوا خبزاً،
أحتى ألان لا تفهمون ولا تذكرون خمس خبزات الخمسة الآلاف وكم قفة أخذتم،
ولا سبع خبزات الأربعة الآلاف وكم سلا أخذتم،
كيف لا تفهمون أني ليس عن الخبز قلت لكم أن تتحرّزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين، حينئذ فهموا أنه لم يقل أن يتحرّزوا من خمير الخبز بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين. (متّى 16: 5-12)
- ونسوا أن يأخذوا خبزاً ولم يكن معهم في السفينة إلا رغيف واحد،
وأوصاهم قائلاً انظروا وتحرّزوا من خمير الفريسيين وخمير هيرودس،
ففكروا قائلين بعضهم لبعض ليس عندنا خبز،
فقال لهم يسوع لماذا تفكرون أن ليس عندكم خبز،
ألا تشعرون بعد ولا تفهمون،
أحتى الآن قلوبكم غليظة،
ألكم أعين ولا تبصرون،
ولكم آذان ولا تسمعون ولا تذكرون،
حين كسّرت الأرغفة الخمسة للخمسة الآلاف كم قفة مملوءة كسراً رفعتم، قالوا له اثنتي عشرة، وحين السبعة للأربعة الآلاف كم سل كسر مملوءاً رفعتم، قالوا سبعة،
فقال لهم كيف لا تفهمون. (مرقس 8: 14- 21)
- ولما كان وحده سأله الذين حوله مع ألاثني عشر عن المثل،
فقال لهم قد أُعطي لكم أن تعرفوا سرّ مملكة الإله،
وأما الذين هم من خارج فبالأمثال يكون لهم كل شيء، لكي يُبصروا مبصرين ولا ينظروا ويسمعوا سامعين ولا يفهموا لئلا يرجعوا فتُغفر لهم خطاياهم،
ثم قال لهم أما تعلمون هذا المثل،
فكيف تعرفون جميع الأمثال. (مرقس 4: 10-13)
قال له توما يا سيد لسنا نعلم أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق،
قال له يسوع أنا هو الطريق، والحق، والحياة،
ليس أحد يأتي الأب إلا بي،
لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً،
ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه. (يوحنا 14: 5-7)
وهذا الأمر لم يكن مقتصرأً على التلاميذ بل شاركهم فيه غيرهم من الناس في ذلك الوقت كما في النصوص التالية:
- ولما كان المساء إذ كان الاستعداد، أي ما قبل السبت،
جاء يوسف الذي من الرّامة مُشير شريف وكان هو أيضاً منتظراً مملكة الإله فتجاسر ودخل إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع،
فتعجب بيلاطس أنه مات كذا سريعاً،
فدعا قائد المئة وسأله هل له زمان قد مات، ولما عرف من قائد المائة وهب الجسد ليوسف،
فاشترى كتاناً فأنزله وكفنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتاً في صخرة ودحرج حجراً على باب القبر. (مرقس 15: 42-46)
- وبينما كان رؤساء الكهنة والشيوخ يشتكون عليه لم يُجب بشيء،
فقال له بيلاطس أما تسمع كم يشهدون عليك،
فلم يُجبه ولا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جداً. (متّى 27: 12-14)
- وكان رؤساء الكهنة يشتكون عليه كثيراً،
فسأله بيلاطس أيضاً قائلاً أما تجيب بشيء انظر كم يشهدون عليك،
فلم يُجب يسوع أيضاً بشيء حتى تعجب بيلاطس.(مرقس 15: 4-5)
- وكان يُخرج شيطاناً وكان ذلك أخرس،
فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس، فتعجب الجموع. (لوقا 11: 14)
- حينئذ أُحضر إليه مجنون أعمى وأخرس فشفاه،
حتى أن الأعمى الأخرس تكلم وأبصر،
فبهت كل الجموع وقالوا ألعل هذا هو ابن داوُد. (متّى 12: 22-23)
فخاصم اليهود بعضهم بعضاً قائلين كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكله. (يوحنا 6: 52)
- وقالوا أليس هذا هو يسوع بن يوسف الذي نحن عارفون بأبيه وأُمه، فكيف يقول هذا إني نزلت من السماء، فأجاب يسوع وقال لهم لا تتذمروا فيما بينكم، لا يقدر أحد أن يُقبل اليّ إن لم يجتذبه الأب الذي أرسلني وأنا أُقيمه في اليوم الأخير. (يوحنا 6: 42-44)
من هذه النصوص نجد أن العلاقة بين يسوع والذين من حوله، بمن فيهم تلاميذه، كانت تتميز بالتعجب والحيرة والبهوت وعدم الفهم!
وبعد مضي الجيل الأول ازدادت الحيرة بين أتباعه وحدثت انشقاقات وحروب، وانقسمت الكنيسة إلى عشرات الكنائس، واستمرت بالانشقاق إلى مئات الكنائس، وحدث هجر للكنائس وتعاليمها من قِبل الناس، وهذا كله بسبب الحيرة التي يشعر بها كل من يقرأ الأناجيل، ولهذا نجد أن الملايين من الناس يسعون بكل جهدٍ للخروج من هذه الحيرة، فعندما يسمعون أن أحداً توصل إلى شيء جديد عن حقيقة يسوع بن يوسف النجار نراهم يهرعون لدراستها ومناقشتها كما حدث مؤخراً مع كتاب دان براون شيفرة دافنشي، فهذا الكتاب بيع منه ملايين النسخ وترجم إلى عشرات اللغات وعندما تحولت قصته إلى فيلم سينمائي شاهده الملايين على الرغم من اعتراض الكنائس المختلفة على القصة والفيلم!
وكذلك الحال عندما تم الكشف عن إنجيل يهوذا الاسخريوطي، فقد أحدث ضجة كبيرة ليس لأنه جاء بجديد، بل لان ملايين الناس قلوبهم وعقولهم حائرة وغير مستقرة على الرغم من كل قوانين إيمان الكنائس المختلفة وأسرارها ومواعظها، فالنفس التي خلقها البارئ عز وجل ما زالت تبحث عمن يزيل الحيرة من عقولها ويُبعد الغشاوة عن أبصارها ليعطيها النور والحق.
فمن لهؤلاء الناس الطيبين؟
نادر عيسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق