الجمعة، 23 يناير 2015

الفصل الثالث: تعاليم يسوع ووصاياه: تعاليم ووصايا يسوع بكره جميع الناس حتى نفس الانسان و بترك جميع الأموال وعدم اقتناء الذهب والفضة والأحذية وأكثر من ثوب وعدم الاهتمام بالحياة بشكل عام

الفصل الثالث: تعاليم يسوع ووصاياه
لا تتحدث الكنائس عن تعاليم يسوع كثيراً باستثناء دعوته للمحبة والسلام، وهذا أمر مستغرب لأن الأناجيل مليئة بالتعاليم في شتى المجالات، وفي هذا الفصل قمت بجمع أكبر عدد منها ودراستها، لنرى حقيقة هذه التعاليم من عدة جوانب، الأول مدى توافق هذه التعاليم مع أقوال يسوع نفسه، والثاني مدى توافق تعاليمه مع الحياة الإنسانية، والثالث مدى توافقها مع ما تقوله الكنائس من أن يسوع هو مُخلص البشرية، والرابع مدى توافق هذه التعاليم مع الصفة التي تقدمه بها الكنائس باعتباره الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، والخامس مدى توافقها مع شرائع العهد القديم وهو القائل ما جئت لأنقض الناموس بل لأُكمل وأخيراً مدى التزام الكنائس بهذه التعاليم.
يقول يسوع أن من يؤمن به ولو مثل حبة خردل فإنه يستطيع عمل المعجزات، ومنها الطلب من الشجر الإنغراس في البحر، كما في النص التالي:
- فقال الرسل للرب زد إيماننا،
فقال الرب لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم. (لوقا 17: 5-6)
وهذا الأمر لا يحدث مع أتباع الكنائس، ولم يحدث، فما هو السبب في عدم طاعة الشجر لهم بالإنغراس في البحر؟
 هل هو عدم صحة هذا النص، أم لأن إيمان تلاميذه وأتباع الكنائس أقل من حبة خردل؟!
الكنائس تقول ان هذا النص صحيح، إذاً فلا يبقى سوى القول أن إيمان التلاميذ وأتباع الكنائس أقل من حبة خردل! وهذا القول يطرح سؤالاً كبيراً وهو لماذا يكون إيمان الكنائس المختلفة وأتباعها أقل من حبة الخردل، هل لأنهم راضون بقلة الإيمان، أم لأن الإيمان الذي جاء به يسوع صعب ولا يمكن تحقيقه؟
وللإجابة على هذا السؤال لا بدّ من دراسة معنى الإيمان كما بينه يسوع في الأناجيل حتى نعلم إن كانت الكنائس المختلفة تلتزم بهذا الإيمان أم لا.
- ولماذا تدعونني يا رب يا رب وأنتم لا تفعلون ما أقوله،
كل من يأتي اليّ ويسمع كلامي ويعمل به أُريكم ما يشبه، يشبه انساناً بنى بيتاً وحفر وعمّق ووضع الأساس على الصخر، فلما حدث سيل صدم النهر ذلك البيت فلم يقدر أن يزعزعه لأنه كان مؤسساً على الصخر، وأما الذي يسمع كلامي ولا يعمل به فيشبه انساناً بنى بيته على الأرض من دون أساس، فصدمه النهر فسقط حالاً وكان خراب ذلك البيت عظيماً. (لوقا 6: 46-49)
في هذا النص نقرأ استنكار يسوع لمن يدعوه رباً وهو لا يفعل ما يقوله، ويضرب مثلاً لمن يسمع كلامه ولا يعمل به ومن يسمع كلامه ويعمل به، فحقيقة الإيمان هي العمل بكلامه، وليس الإدعاء فقط، ويبين هذا الأمر بصورة جلية في النص التالي:
- ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل مملكة السماء،
بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماء،
كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا الشياطين وباسمك صنعنا قوّات كثيرة،
فحينئذ أصرّح لهم أني لم أعرفكم قط،
اذهبوا عني يا فاعلي الإثم. (متّى 7: 21-23)
فليس كل من يقول ليسوع يا رب يدخل مملكته، وإن عمل المعجزات وأخرج الشياطين باسمه، وصنع المعجزات باسمه، وتنبأ باسمه، مع أن نبوءات يسوع نفسه لم تتحقق، بل من يفعل ما يريده أبوه الذي في السماء!
فماذا يريد أب يسوع من الكنائس المختلفة وأتباعها حتى يُدخلهم في مملكة يسوع، وماذا يريد يسوع من الكنائس وأتباعها كي يقبلهم في مملكته؟
تخبرنا الأناجيل أن أبا يسوع تكلم بجملتين فقط، إحداهما في النص التالي:
- وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، له اسمعوا،
ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جداً،
فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا،
فرفعوا أعينهم ولم يروا أحداً الا يسوع وحده. (متّى 17: 5-8)
في هذا النص يطلب أبو يسوع من التلاميذ والكنائس المختلفة أن يسمعوا ليسوع، ولا يوجد كلام لأب يسوع في الأناجيل الأربعة سوى هذه الجملة، والتي قالها أيضاً بعد تعميد يوحنا المعمدان ليسوع في نهر الأردن أول كرازته، ولكن دون قول اسمعوا له، وجملة ثانية مجّدت وأُمجد (يوحنا 12: 28)
وهذا الطلب بالسماع ليسوع يتطلب دراسة كلام يسوع وصفاته.
فما هي صفات كلام يسوع، وبماذا وصف يسوع من يسمع كلامه وينفذ إرادته وإرادة أبيه، وماذا طلب يسوع من تلاميذه ومن الكنائس؟
لقد وصف يسوع كلامه في عدة مواضع في الأناجيل ومنها النصوص التالية:
السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (متى 24: 35)
السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (مرقس 13: 31) 
السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (لوقا 21: 23)
وقال في وصف كلامه أيضاً:
- إن لي أُموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم،
ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن،
واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأُمور آتية،
ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويُخبركم. (يوحنا 16: 12-14)
- واما المعزي الروح المقدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يُعلّمكم كل شيء ويُذكركم بكل ما قلته لكم. (يوحنا 14: 25)
وهنا لن أتحدث عن المعزي إن كان قد جاء أم لا، ولا في أي كنيسة هو ماكث، ولكننا نلاحظ أن يسوع وصف كلامه بأنه حق.
ووصف يسوع كلام أبيه بأنه حق، كما في النص التالي:
- قدسهم في حقك، كلامك هو حق. (يوحنا 17: 17)
كما أن بطرس وصف كلام يسوع بأنه كلام الحياة الأبدية كما في النص التالي:
- فقال يسوع للاثني عشر ألعلكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا،
فأجابه سمعان بطرس يا رب إلى من نذهب،
كلام الحياة الأبدية عندك. (يوحنا 6: 67-58)
من هذه النصوص نخلص إلى أن كلام يسوع وأبيه هو كلام حق وكلام الحياة الأبدية.
وأما بماذا وصف يسوع من يسمع كلامه فهذا يجيب عليه يسوع في النصوص التالية:
- وفيما هو يُكلم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يُكلموه،
فقال له واحد هو ذا أُمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يُكلموك،
فأجاب وقال للقائل له من هي أُمي ومن هم إخوتي،
ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أُمي وإخوتي، لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماء هو أخي وأختي وأمي. (متّى 12: 46-50)
- فجاءت حينئذ إخوته وأُمه ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه،
وكان الجمع جالساً حوله فقالوا له هو ذا أُمك وإخوتك خارجاً يطلبونك،
فأجابهم قائلاً من أُمي وإخوتي،
ثم نظر حوله إلى الجالسين وقال ها أُمي وإخوتي،
لان من يصنع مشيئة الإله هو أخي وأُختي وأُمي. (مرقس 3: 31-35)
- وجاء اليه أُمه واخوته ولم يقدروا أن يصلوا اليه لسبب الجمع،
فاخبروه قائلين أُمك واخوتك واقفون خارجاً يريدون ان يروك،
فأجاب وقال لهم أُمي واخوتي هم الذين يسمعون كلمة الإله ويعملون بها. (لوقا 8: 19-21)
في هذه النصوص يصف يسوع من يسمع كلام الإله ويصنع مشيئة أب يسوع أنهم أُمه وإخوته وأخواته.
كما وصف يسوع التلاميذ والكنائس بأنهم ملح الأرض ونور العالم فقال:
- أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يُملح لا يصلح بعد لشيء إلا أن يطرح ويُداس من الناس. (متّى 5: 13)
- أنتم نور العالم،
لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل، ولا يُوقدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت،
فليُضئ نوركم قدّام العالم، لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجّدوا أباكم الذي في السماء. (متّى 5: 14-16)
ووصفهم بأنهم خِرافه التي تسمع صوته، وسماع صوته تعبير عن العمل بما أمرهم به، كما في النص التالي:
- خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني،
وأنا أُعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد،
ولا يخطفها أحد من يدي. (يوحنا 10: 27-28)
واعتبرهم في قول آخر أنهم رُسُله الذين اختارهم ليُبلغوا أقوله إلى العالم:
- ولمّا كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضاً رُسلاً. (لوقا 6: 13)
- كما أرسلتني إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم،
ولأجلهم أُقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضاً مقدسين في الحق. (يوحنا 17: 18)
ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم،
لكي يُعطيكم الأب كل ما طلبتم باسمي،
بهذا أُوصيكم حتى تُحبوا بعضكم بعضاً. (يوحنا 15: 16-17)
وقال عنهم أنهم خاصته وانه يضع نفسه على الصليب من أجلهم وأنه جاء ليخدمهم، مع أنه الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر كما تقول قوانين إيمان الكنائس المختلفة، كما في النصين التاليين:
- أما أنا فاني الراعي الصالح وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني،
كما أن الأب يعرفني وأنا أعرف الأب،
وأنا أضع نفسي عن الخراف. (يوحنا 10: 14-15)
- لأن ابن الانسان أيضاً لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليَبذل نفسه فِدية عن كثيرين. (مرقس 10: 45)
وهذا ما تقوله كل الكنائس المختلفة أن يسوع صُلب من أجلها.
وأعطاهم مملكة أبيه، فقال:
- ورفع عينيه إلى تلاميذه وقال طوباكم ايها المساكين لأن لكم مملكة الإله. (لوقا 6: 20)
وأعطاهم القدرة على فعل كل المعجزات التي عملها هو وأعظم منها، فقال:
- الحق الحق اقول لكم من يؤمن بي فالاعمال التي انا اعملها يعملها هو ايضاً، ويعمل أعظم منها لأني ماض إلى أبي،
ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الأب بالابن،
ان سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله. (يوحنا 14: 12-14)
وهذه الآيات تتبع المؤمنين،
يُخرجون الشياطين باسمي،
ويتكلمون بالسنة جديدة،
ويحملون حيّات وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم،
ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون. (مرقس 16: 17-18)
- وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقتربت مملكة السماء،
اشفوا مرضى،
طهروا برصاً، أقيموا موتى، أخرجوا شياطين. (متّى 10: 7-8)
هذه الصفات التي وصف يسوع بها من آمن به والقدرات التي وَعَد بإعطائها لهم  كانت مشروطة بعدة شروط منها العمل بوصاياه وأقواله، كما في النص الأول، وسماع أقواله كما قال أبوه في النص الثاني اسمعوا له، وكما قال هو في نص آخر ان خرافه تسمع صوته وتتبعه، وصوته يعني كلامه الذي سمعه من أبيه كما في النص التالي:
- لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. (يوحنا 15: 15)
وسماع صوته وكلامه ليس فقط بالأُذن، بل بالعمل به والمحافظة عليه، كما في النصوص التالية:
- أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً،
إن كان أحد لا يثبت فيّ يُطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق،
إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم،
بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي،
كما أحبني الأب أحببتكم أنا، اثبتوا في محبتي،
إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته،
كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم. (يوحنا 15: 5-11)
- هذه هي وصيتي لكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم،
ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه،
أنتم أحبائي ان فعلتم ما أُوصيكم به،
لا أعود أُسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده،
لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. (يوحنا 15: 12-15)
الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبني. (يوحنا 14: 21)
- أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم،
كانوا لك وأعطيتهم لي،
وقد حفظوا كلامك،
والآن علموا أن كل ما أعطيتني هو من عندك،
لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم. (يوحنا 17: 6-8)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع يطلب ممن يؤمن به أن يَثبُت كلامه فيه، وهذا الثبات يكون بحفظ وصاياه وفعلها والعمل بها، فان هم قاموا بذلك فإنهم يأتون بثمر كثير ويكون لهم ما يريدون، ويكونون أحباء وتلاميذ له.
فعدم ظهور الصفات التي وعد يسوع بها التلاميذ والكنائس المختلفة وخاصة القدرة على أمْر الشجر بالإنقلاع من الأرض والإنغراس في البحر، وإحياء الموتى وغيرهما، يدل على أحد أمرين، إما أنهم لم يحفظوا كلامه ويعملوا بوصاياه، أو أن هذه الوصايا غير قابلة للتنفيذ وليست صحيحة، فما هي كلمات يسوع ووصاياه التي إن فعلها أحد يكون تلميذاً له، ويتحقق له ما وعده يسوع؟
وصية يسوع بكره جميع الناس حتى نفس الانسان
- وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت،
وقال لهم إن كان أحد يأتي اليّ ولا يُبغض،
1- أباه،
2- وأُمه،
3- وامرأته،
4- وأولاده،
5- واخوته،
6- وأخواته،
7- حتى نفسه أيضاً،
فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً،
8- ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذاً،
9- فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر ان يكون لي تلميذاً،
الملح جيد ولكن اذا فسد الملح فبماذا يُصلح،
لا يصلح لأرض ولا لمزبلة فيطرحونه خارجاً،
من له أُذنان للسمع فليسمع.(لوقا 14: 25-35)
من له أُذنان للسمع فليسمع.
يسوع يقول انه لن يقدر أحد أن يكون تلميذاً له حتى يُبغض أباه وأُمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، هل هؤلاء فقط؟
كلا، حتى نفسه يجب أن يبغضها ليكون تلميذاً من تلاميذ يسوع وأحد أتباع كنيسة من الكنائس المختلفة، من له أُذنان للسمع فليسمع!
 فكيف يستطيع الإنسان أن يكره كل هؤلاء ويبقى في قلبه ذرة إنسانية، ولم يكتف بكره كل هؤلاء بل زاد نوعاً من الكره، لا يستطيع القيام به إلا بعض المرضى نفسياً، وهو كره النفس!
وماذا يفعل الإنسان في الأحاسيس التي وُجدت فيه بصفة عضوية من حبه لأبيه وأُمه وأبنائه وإخوانه، وهو ما نشاهده حتى في كثير من الحيوانات؟!
وهذا الكره لكل شيء ما هو التعبير الحسي عنه حتى يُثبتوا أنهم يكرهون أقربائهم، وكيف يعبّرون عنه؟
هل بالضرب أو بالشتم أو بعدم القيام بواجبهم تجاه مساعدة الأقارب مادياً ومعنوياً؟!
فإذا كان الأب أو الأُم قد كبرا في العمر وبلغا مرحلة العجز هل يطلب يسوع أن لا يقوم الأبناء بواجباتهم وان يلقوهم في الشارع كي يُظهروا له أنهم يكرهون الآباء والأُمهات حتى يكونوا من تلاميذه، وهو ما أشار إليه عندما رفض أن يذهب أحد تلاميذه ليدفن أباه! كما في النصين التاليين:
- وقال له آخر من تلاميذه يا سيد إئذن لي أن امضي أولاً وأدفن أبي،
فقال له يسوع اتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم. (متّى 8: 21-22)
- وقال لآخر اتبعني،
فقال يا سيد ائذن لي أن أمضي أولاً وأدفن أبي،
فقال له يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم،
وأما أنت فاذهب وناد بمملكة الاله. (لوقا 9: 59-60)
أم يطلب يسوع أن لا يقوم الآباء والأُمهات بواجباتهم تجاه أطفالهم وهم صغار بان يلقوهم في ملاجئ الأيتام ولا يعودوا يذكرونهم حتى يكونوا مؤهلين ليصبحوا من تلاميذه؟!
أم يطلب منهم يسوع أن لا يُنجبوا أطفالاً أصلاً وأن لا يتزوجوا كي يظهروا مدى كرههم لأطفالهم حتى يستطيعوا أن يكونوا من تلاميذه؟!
فهل هذا ما تبشر به الكنائس الناس بدعوتهم لكراهية كل الناس حتى أنفسهم؟
وهل التزمت الكنائس المختلفة بهذه الوصية أم أعرضت عنها لأنها تتناقض مع تكوين الإنسان الطبيعي والنفسي، مع علمهم بان يسوع قال السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول؟!
وصية يسوع بترك جميع الأموال
- فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر ان يكون لي تلميذاً، من له أُذنان للسمع فليسمع. (لوقا 14: 33)
من له أُذنان للسمع فليسمع، يسوع يقول إن من لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون من تلاميذه!
لماذا لم تلتزم الكنائس المختلفة بهذه الوصية إذا كانوا هم حقاً تلاميذ يسوع؟
مع العلم انه توجد نصوص في كتاب أعمال الرسل تؤكد على الالتزام بهذه الوصية، وان كل من كان يؤمن بيسوع كان يبيع كل أمواله ويُقدمها للتلاميذ ليشترك فيها الجميع، لا بل انه توجد قصة فيه تقول إن رجلاً وامرأة ماتا لأنهما قاما بإخفاء جزء من ثمن الحقل الذي باعاه ولم يقدماه للتلاميذ، كما في النصوص التالية:
- وجميع الذين آمنوا كانوا معاً وكان عندهم كل شيء مشتركاً،
والاملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع كما يكون لكل واحد احتياج. (أعمال الرسل 2: 45-46)
- وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة،
ولم يكن أحد يقول ان شيئاً من أمواله له، بل كان عندهم كل شيء مشتركاً، اذ لم يكن فيهم أحد محتاجاً، لان كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل، فكان يوزع على كل أحد كما يكون له احتياج،
ويوسف الذي دُعي من الرسل برنابا الذي يُترجم ابن الوعظ وهو لاوي قبرسي الجنس، اذ كان له حقل باعه وأتى بالدراهم ووضعها عند أرجل الرسل. (أعمال الرسل 4: 32-37)
- ورجل اسمه حنانيا وامرأته سفيرة باع مُلكاً واختلس من الثمن وامرأته لها خبر بذلك،
وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل، فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح المقدس وتختلس من ثمن الحقل،
فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات،
ثم حدث بعد مدة نحو ثلاث ساعات أن امرأته دخلت وليس لها خبر ما جرى، فأجابها بطرس قولي لي أبهذا المقدار بعتما الحقل،
فقالت نعم،
فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب،
هو ذا أرجُل الذين دفنوا رَجُلك على الباب وسيحملونك خارجاً،
فوقعت في الحال عند رجليه وماتت. (أعمال الرسل 5: 1-10)
فإذا كانت هذه الوصية من وصايا يسوع فلماذا لم يستمر العمل بها، ولماذا توقف موت أي شخص لا يُقدّم كل ما يملك للجميع؟
وصية يسوع بعدم اقتناء الذهب والفضة والأحذية وأكثر من ثوب
- وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقتربت مملكة السماء،
اشفوا مرضى،
طهّروا برصاً،
أقيموا موتى،
أخرجوا شياطين،
مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا،
لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم،
ولا مزوداً للطريق،
ولا ثوبين، ولا أحذية ولا عصاً. (متّى 10: 7-10)
- ودعا الاثني عشر وابتدأ يرسلهم اثنين اثنين،
وأعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة،
واوصاهم ان لا يحملوا شيئاً للطريق غير عصاً فقط،
لا مزوداً، ولا خبزاً ولا نحاساً في المِنطقة، بل يكونوا مشدودين بنعال، ولا يلبسون ثوبين. (مرقس 6: 7-9)
- ودعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم قوة وسلطاناً على جميع الشياطين، وشفاء أمراض،
وأرسلهم ليكرزوا بمملكة الاله ويشفوا المرضى،
وقال لهم لا تحملوا شيئاً للطريق، لا عصاً ولا مزوداً ولا خبزاً ولا فضة، ولا يكون للواحد ثوبان. (لوقا 9: 1-3)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع يطلب من التلاميذ وأتباعهم الالتزام ببعض الأُمور تحديداً، كعدم اقتناء الذهب والفضة والأحذية وعدم اقتناء أكثر من ثوب، فهل يلتزم رجال الكنائس المختلفة بما أمرهم به يسوع من عدم اقتناء ذهباً أو فضة، أو امتلاك أكثر من ثوب واحد أو عدم اقتناء الأحذية؟!
وأما ما تتضمنه النصوص من قدرات أعطاها يسوع للتلاميذ ولمن يؤمن به من بعدهم فهي ظاهرة في عدم تحققها، لا في التلاميذ ولا فيمن جاء بعدهم، فمع أنه أعطاهم سلطاناً على إخراج جميع أنواع الشياطين إلا أن الأناجيل تقول ان أحدهم دخله الشيطان وقام بتسليم يسوع مقابل ثلاثين من الفضة! وأما إحياء الموتى التي ذكرها متّى، فالكنائس كلها تعلم عدم تحققها.
وصية يسوع بعدم الاهتمام بالحياة
لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون،
بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يُفسد سوس ولا صدأ ولا ينقب سارقون ولا يسرقون. (متّى 6: 19-20)
- لا تقدرون أن تخدموا الإله والمال،
لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون،
ولا لأجسادكم بما تلبسون،
أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس. (متّى 6: 24-25)
- لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرّ أن يعطيكم المملكة،
بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة. (لوقا 12: 22-23)
في هذه النصوص تأكيد من يسوع على عدم الاهتمام بالحياة، وعدم كنز الأموال، وهو ما يعلم الناس جميعاً أن الكنائس لم تلتزم به.
وصية يسوع بعدم الاهتمام بالمستقبل
- ولماذا تهتمون باللباس يأملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل،
ولكن أقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها،
فإن كان عشب الحقل الذي يُوجد اليوم ويُطرح غذاً في التنور يُلبسه الإله هكذا أفليس بالحري جداً يُلبسكم أنتم يا قليلي الايمان،
فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس،
فإن هذه كلها تطلبها الأُمم لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون الى هذه كلها،
لكن اطلبوا أولاً مملكة الإله وبرّه وهذه كلها تزاد لكم،
فلا تهتموا للغد، لأن الغد يهتم بما لنفسه، يكفي اليوم شرّه. (متّى 6: 28-34)
في هذه الفقرات يقول يسوع للتلاميذ والكنائس بأن لا يهتموا بالملبس والمأكل، ولا يهتموا بالغد وهي وصايا تحمل طابعاً إنسانياً جميلاً، وان كانت قليلاً ما تطبقها الكنائس المختلفة.
ولكن ما هو موقف يسوع من الغنى والأغنياء، وما هو موقف التلاميذ من موقف يسوع؟
موقف يسوع من الغنى والأغنياء
- قال له يسوع ان أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني،
فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة،
فقال يسوع لتلاميذه الحق أقول لكم انه يعسر أن يدخل غنيٌ الى مملكة السماء،
وأقول لكم أيضاً ان مرور جمل من ثقب ابرة أيسر من أن يدخل غنيٌ الى مملكة الاله. (متّى 19: 21-24)
في هذا النص يقول يسوع بكل وضوح ان دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني إلى مملكته، أي إن أي غني من أتباع الكنائس الطيبين لن يدخل مملكة يسوع!
فماذا كان موقف التلاميذ من هذا الكلام؟
موقف التلاميذ من موقف يسوع من الغنى والأغنياء
- فلما سمع تلاميذه بهتوا جداً قائلين أذاً من يستطيع أن يخلص،
فنظر اليهم يسوع وقال لهم هذا عند الناس غير مستطاع ولكن عند الإله كل شيء مستطاع. (متّى 19: 25-26)
إذاً التلاميذ بُهتوا جداً من سماع هذه الأقوال، وهو ذات ردة فعل أتباع الكنائس عند سماعهم لها، ولكن ما هو أعجب من هذا، وهو ما يُبهتني شخصياً، هو ما كتبه متّى بعد هذا الكلام، فقال:
- فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا،
فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل ألاثني عشر،
وكل من ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو إماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي،
يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية. (متّى 19: 27-29)
فبعد أن قال يسوع انه لن يدخل غني إلى مملكته قام بإعطاء تلاميذه وأتباعه وعوداً كثيرة لو حققها لهم لجعلهم من أغنى الأغنياء، فبطرس ترك من أجل يسوع سفينة، فلو صدق يسوع فيما وعدهم به وأعطى لبطرس مائة سفينة هل كان يعسر على بطرس دخول مملكة يسوع؟!
ونقرأ ذات الكلمات والمواقف والوعود في إنجيل مرقس:
- وفيما هو خارج الى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية،
فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالح الا واحد وهو الإله،
أنت تعرف الوصايا لا تزن، لا تقتل لا تسرق، لا تشهد بالزور، لا تسلب، أكرم أباك وأُمك،
فأجاب وقال له يا معلم هذه حفظتها منذ حداثتي،
فنظر إليه يسوع وأحبه وقال له يعوزك شيء واحد، اذهب بع كل مالك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني حاملاً الصليب،
فاغتم على القول ومضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة،
فنظر يسوع حوله وقال لتلاميذه ما أعسر دخول ذوي الأموال الى مملكة الاله،
فتحير التلاميذ من كلامه، فأجاب يسوع أيضاً وقال لهم يا بني ما أعسر دخول المتكلين على الأموال الى مملكة الاله،
مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني الى مملكة الاله،
فبهتوا الى الغاية قائلين بعضهم لبعض فمن يستطيع أن يخلص،
فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الإله،
لأن كل شيء مستطاع عند الإله،
وابتدأ بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أُماً أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مئة ضعف ألان في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأُمهات وأولاداً وحقولاً، مع اضطهادات،
وفي الدهر الأتي الحياة الأبدية. (مرقس 10: 17-30)
ويكررها لوقا للتأكيد على موقف يسوع من الأغنياء ووعوده التي لم تتحقق، وموقف التلاميذ من كلامه، كما في النص التالي:
- وسأله رئيس قائلاً أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية،
فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالح الا واحد وهو الإله،
أنت تعرف الوصايا لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأُمك،
فقال هذه كلها حفظتها منذ حداثتي،
فلما سمع يسوع ذلك قال له يعوزك أيضاً شيء بع كل مالك ووزع على الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني،
فلما سمع ذلك حزن لأنه كان غنياً جداً،
فلما رآه يسوع قد حزن قال ما أعسر دخول ذوي الأموال الى مملكة الاله،
لأن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني الى مملكة الاله،
فقال الذين سمعوا فمن يستطيع أن يخلص، فقال غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الإله،
فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فقال لهم الحق أقول لكم ان ليس أحد ترك بيتاً أو والِدَين أو اخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل مملكة الاله، الا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة،
وفي الدهر الآتي الحياة الابدية. (لوقا 18: 18-30)
فيسوع طلب أولاً كره الناس جميعاً وبعد ذلك طلب التخلي عن جميع الأموال حتى يكونوا تلاميذاً له ويدخلوا إلى مملكته، مما أبهت التلاميذ، فقام بمنحهم وعوداً يعلم الجميع أنه لم يحققها لهم، مما أدى لهروب التلاميذ عنه عند إلقاء القبض عليه وإنكاره والشك فيه عند محاكمته وعدم تصديق من قالوا انه قام من الأموات بعد صلبه.
فعلى من نضع اللوم في عدم تحقق وعود يسوع للتلاميذ والكنائس؟
هل نضع اللوم على التعاليم التي لا يستطيع الإنسان العمل بها؟
أم نضع اللوم على التلاميذ والكنائس الذين لم يُنفذوا هذه التعاليم؟
ولكن هل هذه هي التعاليم الوحيدة التي لم يستطع التلاميذ والكنائس تنفيذها والعمل بها؟
لنقرأ التدوينات التالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق