الثلاثاء، 27 يناير 2015

الفصل الأول: حياة يسوع: يسوع في بستان جثسيماني: قصة صلاة يسوع الاخيرة وإلقاء القبض عليه واستجواب اليهود له في الاناجيل الاربعة

الفصل الأولحياة يسوع
في هذا الفصل سأستعرض حياة يسوع في مختلف مراحلها، من ولادته إلى صلبه وقيامته من الأموات، وصعوده إلى السماء، مع مقارنة النصوص بعضها ببعض كما وردت في الأناجيل، ومقارنة تلك النصوص مع نصوص العهد القديم عند اقتباس كتبة الأناجيل من العهد القديم، لنرى إن كان مؤلفو الأناجيل قد كتبوا قصة واحدة عن حياة يسوع أم أن كل واحد منهم كتب قصة مختلفة عن الآخرين بحسب معلومات كل واحد منهم والمصادر التي كان يعتمد عليها، وكذلك لنرى صحة ما اقتبسوه في الأناجيل من نصوص العهد القديم، وسأبدأ باستعراض النسبين اللذين وضعهما متّى ولوقا ليسوع في إنجيليهما ثم نباشر في قراءة حياة يسوع.
يسوع في بستان جثسيماني
بعد الإعلان عن شك التلاميذ كتبت الأناجيل أن يسوع خرج بعد العشاء وذهب مع تلاميذه  إلى بستان جثسيماني ليُصلي.
صلاة يسوع الأخيرة وموقف التلاميذ
- حينئذ جاء معهم يسوع إلى ضيعة يقال لها جثسيماني فقال للتلاميذ اجلسوا ههنا حتى أمضي وأُصلي هناك،
ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب فقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت،
امكثوا ههنا واسهروا معي،
ثم تقدم قليلاً وخرّ على وجهه وكان يُصلي قائلاً
يا أبتاه ان أمكن فلتعبر عني هذه الكأس،
ولكن ليس كما أُريد بل كما تريد أنت،
ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياماً،
فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة،
اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة،
أمّا الروح فنشيط وأمّا الجسد فضعيف،
فمضى أيضاً ثانية وصلى قائلاً يا أبتاه ان لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك،
ثم جاء فوجدهم أيضاً نياماً،
إذ كانت أعينهم ثقيلة،
فتركهم ومضى أيضاً وصلى ثالثة قائلاً ذلك الكلام بعينه،
ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا الآن واستريحوا،
هو ذا الساعة قد اقتربت وابن الانسان يُسلم الى أيدي الخطاة. (متّى 26: 36-45)
نقف الآن في حضرة يسوع وتلاميذه بعد أن تناولوا عشاء الفصح الأخير، والذي تعتبره الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية أحد أسرارها الهامة، وتسميه الافخارستيا أو سرّ التناول، وتقصد به تناول أو أكل جسد يسوع وشرب دمه، وتقول تلك الكنائس إن الإنسان الذي يأكل الخبز ويشرب الخمر كما فعل التلاميذ عندما أكلوا الخبز وشربوا الخمر فان يسوع يتجسد ويحلّ فيهم!
نقف في حضرة يسوع، الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، بعد أن أخبر تلاميذه ان واحداً منهم سيسلمه لليهود!
نقف في حضرة يسوع، الذي تقول الكنائس أنه جاء ليخلص البشرية من خطيئة آدم التي توارثتها لآلاف السنين.
نقف في حضرة يسوع، الاقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، وهو يأخذ تلاميذه إلى قرية أو ضيعة أو بستان تسمى جثسيماني فيطلب منهم الجلوس في مكان معين ليذهب ويصلي!
ولكنه لم يذهب وحده بل أخذ معه بطرس وابني زبدي، أي يوحنا ويعقوب، ثم يبدأ بالصلاة أو كما كتب متّى وابتدأ يحزن ويكتئب.
لماذا يحزن ويكتئب يسوع، الاقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد، والذي كتب عنه متّى أن اسمه عمانوئيل وفسرها بقوله أنها تعني الإله معنا؟!
ولم يكتف بالحزن والاكتئاب العام بل قال، فقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت، لماذا نفسه حزينة جداً حتى الموت، وهل يموت الاقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد؟
وإذا مات الاقنوم الثاني فما الذي يمنع موت الاقنوم الأول أو الأقانيم الثلاثة، إذ أنهم واحد ومن نفس الجوهر؟!
وهنا يطلب يسوع من تلاميذه الذين أكلوا جسده وشربوا دمه قبل قليل بأن يمكثوا ههنا ويسهروا معه!
ثم يتقدم قليلاً ويخرّ على وجهه، وكان يُصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، في هذه الفقرة نجد أن الذي تقول عنه الكنائس أنه أحد الأقانيم الذين هم واحد ومن نفس الجوهر يخرّ على وجهه يُصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن!
إن أمكن، ماذا تعني هذه الجملة؟
إن أمكن تعني الطلب مع الرجاء، ولكن الكنائس ترفض هذا المعنى وتصرّ على القول أنه الاقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد، والمتساوون في القدرة والمكانة، ومن نفس الجوهر.
ولكن كلمة إن أمكن تبقى مكتوبة في الأناجيل وتهز قلب كل إنسان بأن الذي يطلب مع الرجاء ليس مساوياً لمن يُطلب منه، ولكن إن أمكن ماذا؟
إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس، أي ان لا يُصلب، وهنا تتفاجأ الكنائس وقوانين إيمانها فهي التي ظلت تبشر أتباعها الطيبين بأن يسوع، ما جاء إلا ليرفع عنهم خطيئة آدم، التي ما شهدوها ولا وافقوا عليها، فها هو يطلب برجاء أن ترفع عنه تلك الكأس!
ولكن يسوع وبكل تواضع يقول ولكن ليس كما أُريد بل كما تريد أنت، وهذا القول يُنغّص على قوانين إيمان الكنائس المختلفة تناسقها، فهي تقول إن يسوع مساوياً لأبيه في كل شيء، بدءاً من الخلق وانتهاءاً بغفران الخطايا، لأن يسوع في هذا القول يُقرّ ويعترف أن إرادة أبيه هي النافذة وان إرادته ليس لها قوة أمام إرادة أبيه رغم أنف جميع قوانين إيمان الكنائس المختلفة.
ولكن أين التلاميذ والرسل الذين اختارهم يسوع في هذا الموقف العظيم الذي نشاهد فيه يسوع يخرّ ويحزن ليطلب من أبيه أن تعبر عنه تلك الكأس؟
ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياماً، هاهم نيام!
نيام على الرغم من حلول الروح المقدس فيهم بالتعميد وحلول يسوع شخصياً فيهم عندما أكلوا لحمه وشربوا دمه قبل قليل!
وكانت هذه مفاجأة ليسوع فهو الذي وصف تلاميذه بعشرات الصفات ووعدهم وعوداً كثيرة، فهاهم نيام في هذه اللحظات الحرجة، فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة، هؤلاء التلاميذ الذين وصفهم أنهم نور العالم وملح الأرض لم يسهروا معه ساعة!
ولكن يسوع لم ييأس من تلاميذه فهم أكلوا جسده وشربوا دمه قبل قليل ومن قبل حلّ فيهم الروح المقدس وكانوا معه عند صعوده الجبل وملاقاة موسى وإيليا وسمعوا الصوت الذي جاء من السحابة الذي قال لهم إن هذا ابني الحبيب له اسمعوا، فلعلهم كانوا متعبين هذا اليوم، فقال لهم تنبيهاً وتحذيراً وأمراً، فهو الاقنوم الثاني الذي يجب عليهم حفظ وصاياه وكلامه، اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة.
وبعد هذا الأمر والتحذير يرجع يسوع لنفسه فيقول أمّا الروح فنشيط وأمّا الجسد فضعيف، وهنا سيحاول يسوع بروحه النشطة وبكل ما أُوتي من قوة بالصلاة والدعاء الطلب كي تعبر عنه كأس الصلب، فنراه يمضى أيضاً ويصلى قائلاً يا أبتاه إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك.
وبعد هذه الصلاة، وأظنه كررها مئات المرات إلا إذا قال صلوات غيرها لم يكتبها متّى، عاد ليرى دور رسله في مساعدتهم له لتعبر عنه هذا الكأس، فهو أخبرهم سابقاً أن أي شيء يطلبونه من أبيه فانه سيعطيه لهم، وأن ما يحلونه على الأرض فهو محلول في السماء، وغيرها من الصفات والوعود، فلعل أباه أن يستجيب لهؤلاء إن لم يستجب له! فقال متّى ثم جاء فوجدهم أيضاً نياماً.
وما يُنسينا نوم التلاميذ وعِظم مخالفتهم ليسوع وعدم الاهتمام بتحذيره السابق لهم هو محاولة متّى أن يجد لهم مبرراً فكتب قائلاً إذ كانت أعينهم ثقيلة!
إن مخالفة التلاميذ الرسل الذين حلّ فيهم الروح المقدس بالتعميد وحلّ يسوع نفسه فيهم بأكلهم جسده وشربهم دمه ورؤيتهم لعشرات المعجزات، أعظم من أكل آدم من تلك الشجرة وهو لم يرى أي شيء عجيب في الجنة إلا أنه سمع صوتاً نهاه عن الأكل من الشجرة.
فلو قارن الإنسان بين هؤلاء وبين آدم لوجدهم خاطئين أكثر منه، وأما إذا قارن هؤلاء بذرية آدم الذين لم يشاهدوا آدم ولا شاهدوه وهو يأكل من تلك الشجرة ولا رضوا إذ سمعوا انه أكل من تلك الشجرة، وحمّلتهم الكنائس وقوانين إيمانها تلك الخطيئة التي لم يرتكبوها، لوجدهم خطاة أكثر من ذرية آدم كلها لأنهم تركوه وهو في أشد الحاجة لهم وهم الذين شاهدوا يسوع ومعجزاته وسمعوا أقواله ووصاياه وفي نهاية الأمر تركوه وحده يُصلي وناموا إذ كانت أعينهم ثقيلة!
وهنا لم يقم يسوع بإزعاج تلاميذه في نومهم الهادئ، فتركهم ومضى أيضاً وصلى مرة ثالثة قائلاً ذلك الكلام بعينه، لعل أباه يرى أنه وحده وأن التلاميذ الذين اختارهم ليكونوا رسله يغطّون في نومهم العميق، فيرفع عنه تلك الكأس وما تحويه من مصاعب، ولكن يسوع يفشل في مسعاه للمرة الثالثة، فإرادة الأب أعظم من إرادة الابن على الرغم من عشرات الآلاف من الكتب التي طبعتها الكنائس وتقول فيها إن يسوع مساوياً لأبيه!
فلما انتهت صلاته وتضرعه لغير نتيجة، كتب متّى ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا الآن واستريحوا، وهذا القول وان كان يدل على منتهى اليأس من التلاميذ، إلا أنه يُشير أيضاً إلى مخالفة هؤلاء التلاميذ لقول جديد ليسوع، فهم لم يبقوا نياماً كما أمرهم، بل استيقظوا وذهب عنهم ثقل العيون عندما رأوا القادمين لإلقاء القبض عليه ومن ثم هربوا وتركوه وحيداً بحسب ما ذكرت الأناجيل، فهم خالفوا يسوع حتى في آخر أوامره ووصاياه لهم!
ومرقس كتب القصة بشكل مشابه لما كتبه متّى فأغنى عن شرحها، ولكني أود كتابتها كاملة لزيادة التذكير بهذه القصة العجيبة التي تظهر كيف أن يسوع أمضى الليل وهو يُصلي كي لا يُصلب وتظهر حقيقة موقف التلاميذ من يسوع وهو يدعوهم للسهر معه ولو لساعة، في أشد الأوقات صعوبة عليه.
وللتأكد إن كانت إرادته مساوية لإرادة أبيه كما تقول الكنائس المختلفة، أم إن إرادته وقدرته تتلاشى أمام إرادة وقدرة أبيه!
- وجاءوا إلى ضيعة اسمها جثسيماني فقال لتلاميذه اجلسوا ههنا حتى أُصلي،
ثم أخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا وابتدأ يدهش ويكتئب،
فقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت،
امكثوا هنا واسهروا،
ثم تقدم قليلاً وخرّ على الأرض وكان يُصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن،
وقال يا أبا الأب كل شيء مستطاع لك،
فأجز عني هذه الكأس ولكن ليكن لا ما أُريد أنا بل ما تريد أنت،
ثم جاء ووجدهم نياماً،
فقال لبطرس يا سمعان انت نائم،
أما قدرت ان تسهر ساعة واحدة،
اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة،
أما الروح فنشيط وأمّا الجسد فضعيف،
ومضى أيضاً وصلى قائلاً ذلك الكلام بعينه،
ثم رجع ووجدهم أيضاً نياماً،
إذ كانت أعينهم ثقيلة،
فلم يعلموا بماذا يجيبونه،
ثم جاء ثالثة وقال لهم ناموا الآن واستريحوا،
يكفي،
قد أتت الساعة هوذا ابن الانسان يُسلم الى أيدي الخطاة. (مرقس 14: 32-41)
وأما لوقا فقد اختلف مع متّى ومرقس فيما كتباه، كما في النص التالي:
- وخرج ومضى كالعادة إلى جبل الزيتون وتبعه أيضاً تلاميذه،
ولما صار الى المكان قال لهم صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة،
وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى،
قائلاً يا أبتاه ان شئت أن تجيز عني هذه الكأس، ولكن لتكن لا ارادتي بل ارادتك،
وظهر له ملاك من السماء يُقوّيه،
وإذ كان في جهاد كان يُصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض،
ثم قام من الصلاة وجاء الى تلاميذه فوجدهم نياماً من الحزن،
فقال لهم لماذا أنتم نيام،
قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة،
وبينما هو يتكلم إذا جمع والذي يدعى يهوذا احد الاثنى عشر يتقدمهم فدنا من يسوع ليُقبله،
فقال له يسوع يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الانسان. (لوقا 22: 39-48)
في هذا النص نلاحظ عدة اختلافات بين ما كتبه لوقا وما كتبه متّى ومرقس.
الاختلاف الأول وهو إغفال لوقا لذكر أسماء التلاميذ الذين ذكرهما متّى ومرقس، وهم بطرس ويوحنا ويعقوب.
الاختلاف الثاني وهو إغفاله لذكر الحالة النفسية ليسوع، والتي أظهرها متّى ومرقس بشكل واضح جداً عندما قالا إن يسوع  ابتدأ يحزن ويكتئب فقال لهم نفسي حزينة حتى الموت، وابتدأ يدهش ويكتئب، وما كتباه أيضاً  أمّا الروح فنشيط وأمّا الجسد فضعيف!
الاختلاف الثالث وهو مخالفته لمتّى ومرقس في الطريقة التي أدّى يسوع بها الصلاة، فقال إن يسوع جثا على ركبتيه وصلى بينما قال متّى إن يسوع خرّ على وجهه، ومرقس قال خرّ على الأرض، ويمكن أن نعتبره نفس المعنى الذي كتبه متّى، إلا أن ما كتبه لوقا يخالفهما مخالفة ظاهرة لا أظنها تخفى على الروح المقدس لو كان يسوقهم عند كتابة هذه الفقرات.
الاختلاف الرابع وهو عدم ذكره لمجيء يسوع للتلاميذ ورؤيتهم نياماً إلا مرة واحدة، بينما كتب متّى ومرقس انه جاءهم ثلاث مرات وأن يسوع صلى على ثلاث فترات.
الاختلاف الخامس وهو الكيفية التي كان يصلي بها يسوع، وهذا ما لم يذكره متّى ومرقس، فقال وإذ كان في جهاد كان يُصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض، وهذه الفقرة تنسينا ما لم يكتبه عن حالة يسوع النفسية كما كتب متّى ومرقس، إذ أنه وبدون ذكر قول يسوع نفسي حزينة حتى الموت ولا أنه مكتئب ولا أن جسده ضعيف، يُظهر يسوع في أشد حالات الحزن والكآبة، وذلك بتصوير طريقة صلاته، فيسوع كما يقول لوقا كان يُصلي بأشد لجاجة حتى أن عرقه كان يقطر منه كقطرات الدم نازلة على الأرض، وهذا الموقف يُظهر أن يسوع ليس مساوياً لأبيه في إرادته، وهو ما ينقض قوانين إيمان الكنائس التي تقول إن الأقانيم متساوية في القدرة والإرادة ومن نفس الجوهر، كما إن هذا الموقف يَنقض قوانين إيمان الكنائس كلها القائلة أن يسوع ما جاء الى الأرض إلا ليرفع خطيئة آدم ويخلص أتباعها من خطاياهم ويتصالح معهم كما قال بولس، فلو كان ما تقوله الكنائس وقوانين إيمانها صحيحاً لما كان يسوع يُصلي بأشد لجاجة ولما صار عرقه يتصبب منه كقطرات الدم!
الاختلاف السادس وهو قوله وظهر له ملاك من السماء يُقوّيه، وهنا لا أود التذكير بأن لوقا لم يكن حاضراً ولم يكن في ذلك الوقت قد سمع بيسوع حتى يرى الملائكة، وأن من حضر تلك الحادثة وهم بطرس ويعقوب ويوحنا كانوا يغطون في نوم عميق فكيف سيرون الملائكة! بالإضافة إلى أن يوحنا، الذي كان حاضراً كما قال متّى ومرقس، لم يذكر شيئاً في إنجيله عن هذه الصلاة، فكيف سيرى الملائكة، إلا أنني سأعتبر أن ما كتبه لوقا صحيحاً وأن ملاكاً ظهر ليسوع يقويه!
وماذا بعد؟
لا شيء!
ظهر ملاك يُقوي يسوع ولم يكن لهذا الظهور أي أثر في إحداث أي تغيير في مسار القصة، كما كان حلم امرأة بيلاطس التي أرسلت تحذيراً له بأن لا يتعرض ليسوع بأي شرّ، ومع توجيه هذا التحذير إلا أنه لم يُحدث أي أثر في مسار القصة، وحكم بيلاطس على يسوع بالصلب مع علمه بأنه بريء، وهذا بحسب ما ذكرته الأناجيل!
ولكن قد يخطر في عقول بعض الطيبين من أتباع الكنائس ان هذا الملاك جاء ليقوّيه على تحمل آلام الصلب، وهذا خاطر طيب لولا أن الأناجيل كتبت أن يسوع صرخ بصوت عظيم وهو مُعلق على الصليب قائلاً ألوي ألوي لما شبقتني، الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني كما كتب مرقس، وصرخ قائلاً إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني كما كتب متّى.
وأخيراً هل يحتاج الاقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر إلى مخلوقات لتقويه، حتى لو كان ملاكاً؟
وإذا كان هو محتاج لمن يقويه فهل هذا يدل على كمال قوته ومساواته لأبيه كما تقول الكنائس؟
وإذا كان يسوع يحتاج إلى ملاك ليُقوّيه على بضعة يهود، فهل هذا عنده القوة لخلق السموات وما فيها من ملايين المجرات والتي يعجز العقل البشري عن إدراك أبعادها، وخلق الأرض وما فيها من ملايين الأنواع من المواد والحيوانات؟! سبحان خالق السموات والأرض وتعالى عما يصفون ويشركون.
وأما يوحنا فلم يكتب شيئاً عن صلاة يسوع هذه!
وبعد انتهاء يسوع من صلاته كي لا يُصلب، يصل الخدم والجند لإلقاء القبض عليه.
إلقاء القبض على يسوع
- وفيما هو يتكلم اذا يهوذا أحد الاثني عشر قد جاء ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب،
والذي أسلمه أعطاهم علامة قائلا الذي أُقبله هو هو، أمسكوه،
فللوقت تقدم الى يسوع وقال السلام يا سيدي وقبّله،
فقال له يسوع يا صاحب لماذا جئت،
حينئذ تقدموا وألقوا الأيادي على يسوع وأمسكوه. (متّى 26: 47-50)
- وللوقت فيما هو يتكلم أقبل يهوذا واحد من الاثني عشر ومعه جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ،
وكان مسلمه قد اعطاهم علامة قائلاً الذي أُقبله هو هو، امسكوه وامضوا به بحرص،
فجاء للوقت وتقدم اليه قائلاً يا سيدي يا سيدي وقبله،
فألقوا أيديهم عليه وأمسكوه. (مرقس 14: 43-46)
- وبينما هو يتكلم إذا جمع والذي يدعى يهوذا إحد الاثنى عشر يتقدمهم فدنا من يسوع ليُقبّله،
فقال له يسوع يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الانسان. (لوقا 22: 47-48)
في هذه النصوص نجد ان متّى ومرقس ولوقا قد اتفقوا على ذات القصة في طريقة إلقاء القبض على يسوع، مع اختلافات يسيرة لا تضرّ بالمضمون، وان كانت تضر بالمعلومات المكتوبة في الأناجيل عن شهرة يسوع وانتشار خبره في كل الأرض المقدسة حتى وصل أمره إلى هيرودس، فكيف يكون رجلاً مشهوراُ قام بعمل عشرات المعجزات وبالتعليم في الهيكل خافياً على اليهود حتى يضطر يهوذا إلى إعطائهم تلك العلامة العجيبة، وهي القبلة؟
وما أود الإشارة إليه هنا هو قول يسوع ليهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان، فهذه الجملة من غرائب الجمل التي قيلت على لسان يسوع في الأناجيل، لأن يهوذا لم يُسلم يسوع مقابل القبلة بل من أجل الفضة كما ذكر لوقا ومرقس وبثلاثين من الفضة كما ذكر متّى، فكيف يقول يسوع إن يهوذا سلمه بقبلة؟
أم إن يسوع لا يعلم إن يهوذا سلمه مقابل الفضة؟
أم أن يهوذا لم يُسلم يسوع لا بفضة ولا بقبلة؟!
هذا بالنسبة للأناجيل الثلاثة وأما يوحنا فقد كتب في إنجيله قصة تخالف ما كتبه هؤلاء، كما في النص التالي:
- قال يسوع هذا وخرج مع تلاميذه الى عبر وادي قدرون حيث كان بستان دخله هو وتلاميذه،
وكان يهوذا مُسلمه يعرف الموضع لأن يسوع اجتمع هناك كثيراً مع تلاميذه، فأخذ يهوذا الجند وخداماً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين وجاء الى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح،
فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال لهم من تطلبون،
أجابوه يسوع الناصري،
قال لهم أنا هو، وكان يهوذا مُسلمه أيضاً واقفاً معهم،
فلما قال أني أنا هو رجعوا الى الوراء وسقطوا على الارض،
فسألهم أيضاً من تطلبون فقالوا يسوع الناصري،
أجاب يسوع قد قلت لكم اني أنا هو،
فان كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون،
ليتم القول الذي قاله ان الذين أعطيتني لم أُهلك منهم أحداً. (يوحنا 18: 1-9)
- ثم إن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع وأوثقوه ومضوا به إلى حنان أولاً لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيساً للكهنة في تلك السنة. (يوحنا 18: 12- 13)
كما نلاحظ فإن يوحنا لم يذكر القبلة، ولم يكتب فيما بعد عن هرب التلاميذ، ولكنه دافع عن التلاميذ بقول يسوع للجند أن يتركوهم ليذهبوا!
وهذه الاختلافات والتناقضات بين الأناجيل في القصة الواحد تطرح أسئلة حائرة جدّية على أصل هذه القصة، وعلى صدق القول بأنها مكتوبة بسوق من الروح المقدس.
أقوال يسوع لحظة إلقاء القبض عليه
- في تلك الساعة قال يسوع للجموع كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني،
كل يوم كنت أجلس أُعلم في الهيكل ولم تمسكوني،
وأما هذا كله فقد كان لكي تكمل كتب الأنبياء. (متّى 26: 55-56)
- فأجاب يسوع وقال لهم كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني،
كل يوم كنت معكم في الهيكل أُعلم ولم تمسكوني،
ولكن لكي تكمل الكتب. (مرقس 14: 48-49)
- ثم قال يسوع لرؤساء الكهنة وقواد جند الهيكل والشيوخ المقبلين عليه كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي، إذ كنت معكم كل يوم في الهيكل لم تمدوا عليّ الأيادي، ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة. (لوقا 22: 52-53)
في هذه النصوص يتفق متّى ومرقس ولوقا على ذكر الكلمات التي قالها يسوع للذين أتوا لإلقاء القبض عليه مع اختلاف بسيط كتبه لوقا بقوله ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة، في حين كتب متّى ومرقس ولكن لكي تكمل الكتب، وأنا لست أدري أي كتب تحدثت عن إلقاء اليهود والرومان القبض على يسوع، أحد الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، وضربه وجلده ولطمه والاستهزاء به ومن ثم تعليقه على الصليب وطعنه في خاصرته وتكفينه ودفنه، فأين هي هذه الكتب التي تتحدث عن هذا كله، والعهد القديم يقول:
أيها الرب أنت إلهنا،
لا يقوَ عليك إنسان. (أخبار الايام الثاني 14: 11)
فهذا النص يدل على أن هذه الأقانيم لا علاقة لها بالرب خالق السموات والأرض، ومع وضوح هذه المسألة في انه لا علاقة للأقانيم الثلاثة بخالق السموات والأرض إلا انه يبقى السؤال وهو أين هي الكتب التي تحدثت عن كل ما جرى مع يسوع الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر؟
وأما قول لوقا عن سلطان الظلمة، فهو يؤكد كذلك أن لا علاقة لما كتبته قوانين إيمان الكنائس عن الأقانيم الثلاثة بالرب خالق السموات والأرض، لأن شعور هذه الأقانيم بسلطان الظلمة وخضوعها لحكمه، يدل على أنها جزء من هذا العالم، وأما خالق السموات والأرض فهو من خلق كل شيء فلا يكون شيء إلا بإذنه، وكل ما يحدث في الكون لا يحدث إلا بإذنه، وما سلطان الظلمة والناس والأرض وما عليها من مخلوقات والسماء وما فيها من مجرات إلا كذرة في ملكوت الرب خالق السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.
وأما يوحنا فقد أخذ القصة إلى مساق بعيد كل البعد عن هؤلاء فقال:
- فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه،
وقال لهم من تطلبون أجابوه يسوع الناصري،
فقال لهم يسوع أنا هو،
وكان يهوذا مسلمه أيضاً واقفاً معهم،
فلما قال لهم اني أنا هو رجعوا الى الوراء وسقطوا على الأرض،
فسألهم أيضاً من تطلبون،
فقالوا يسوع الناصري،
أجاب يسوع قد قلت لكم اني أنا هو، فان كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون،
ليتم القول الذي قاله ان الذين أعطيتني لم أُهلك منهم أحداً. (يوحنا 18: 4-9)
في هذا النص يُضفي يوحنا على لحظة إلقاء القبض على يسوع، الجسد الذي سكنت فيه الأقانيم الثلاثة، أو على الأقل أحدها، حالة من العظمة إذ كيف يُلقى القبض على هؤلاء الثلاثة، أو أحدها، دون حدوث أي معجزة، فكتب انهم بعد سماعهم جواب يسوع أنا هو، رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض!
لماذا رجعوا وسقطوا على الأرض؟
من الذي أسقطهم على الأرض؟
وإذا سقطوا على الأرض فكيف تجرؤوا على سؤاله مرة ثانية؟
وإذا تجرؤوا على سؤاله مرة ثانية فلماذا لم يرجعوا إلى الوراء ويسقطوا على الأرض من جديد؟
وإذا سقطوا على الأرض فكيف تجرؤوا على القبض عليه؟
ولكن ماذا عسانا ان نقول فهذا ما كتبه يوحنا في إنجيله، مع أنه خالف ما كتبه الآخرون كما في النصوص السابقة.
بعد إلقاء القبض على يسوع لنقرأ ما كتبته الأناجيل عن موقف التلاميذ من هذا الحدث العظيم.
موقف التلاميذ عند إلقاء القبض على يسوع
كتبت الأناجيل عن موقفين للتلاميذ أثناء إلقاء القبض على يسوع، الأول موقف بطرس، والثاني موقف باقي التلاميذ، وسنلقي الضوء عليهما، كل على حدة، لنستكشف حقيقة ما كتبته الأناجيل من قصص تقول الكنائس إنها مكتوبة بسوق من الروح المقدس.
موقف بطرس
كتب لوقا ان يسوع قبل نهاية العشاء الأخير قال النص التالي:
- ثم قال لهم حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء، قالوا لا،
فقال لهم لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك،
ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفاً،
لأني أقول لكم انه ينبغي أن يتمّ فيّ أيضاً هذا المكتوب،
وأُحصي مع أثمة،
لأن ما هو من جهتي له انقضاء،
فقالوا يا رب هو ذا سيفان،
فقال لهم يكفي. (لوقا 22: 35-38)
في هذا النص يطلب يسوع من تلاميذه الاستعداد لمواجهة الأعداء بالقوة، فيأمرهم بشراء السيوف حتى لو اضطروا لبيع ثيابهم، وذلك عملاً بقول سابق كتبه متّى في إنجيله:
لا تظنوا اني جئت لألقي سلاماً على الارض،
ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً. (متّى 10: 34)
فقال له التلاميذ انه يوجد عندهم سيفان فقال لهم هذا يكفي!
وهذا موقف جديد ليسوع، إذ أن الكنائس والأناجيل تقول انه جاء بالمسامحة وغفران الخطايا، ولكن لا بأس، فهذا القول يتوافق مع الطبيعة الإنسانية التي ترفض الخضوع للظلم والعدوان، على الرغم مما كتبه لوقا مستشهداً بنص من العهد القديم وهو وأُحصي مع أثمة، وهذا النص سنطلع على حقيقته عند الحديث عن صلبه بين اللصين.
وعند إلقاء القبض عليه كتب متّى النص التالي:
- وإذا واحد من الذين مع يسوع مدّ يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه،
فقال له يسوع رُدّ سيفك الى مكانه،
لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون،
أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب الى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة،
فكيف تُكمل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون. (متّى 26: 51-54)
في هذا النص نجد أن التلاميذ قد استعدوا للمواجهة فيستل أحدهم سيفه ويضرب عبد رئيس الكهنة فيقطع أُذنه، وقبل أن يُجهز على هذا الشرير القادم لإلقاء القبض على يسوع، تقع مفاجأة فيسمع هذا التلميذ قول يسوع له رُدّ سيفك مكانه!!
إذاً لماذا طلب يسوع منهم شراء السيوف حتى لو باع أحدهم ثيابه؟!
ويتابع متّى كتابة ما قاله يسوع فيقول لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون، وهذا القول وان كان يعتبر دليلاً على أن يسوع لا يدعو للعنف حتى انه قال لا تقاوموا الشر، وقال من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الآخر، إلا أنه يدل على زوال أقواله السابقة التي طلب فيها شراء السيوف، وأنه ما جاء ليُلقي السلام بل السيف، وهو الذي قال السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول، وهنا نجد أنه أزال كلامه السابق حتى قبل أن يصعد إلى السماء وليس زوالها، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فهذا القول يُعيدنا إلى مدى علم يسوع والروح المقدس ومتّى بالعهد القديم الذي استشهد بإحدى فقراته هنا، إذ أن كل من يقرأ العهد القديم يعلم أن كثيراً من الناس أخذوا كل شيء بالسيف ولم يهلكوا بالسيف، وأفضل مثال على ذلك داوُد، فهو أمضى حياته وهو حامل السيف يقاتل أعداءه عشرات السنين ومع هذا لم يمت بالسيف!
ثم يتابع متّى كلامه فيقول على لسان يسوع أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة، وهذا القول كتبه متّى ليوحي بعلم يسوع بصلبه، لأنه ما جاء إلى هذا العالم إلا لهذا الأمر، كي ترتفع خطيئة آدم عن ذريته التي توارثتها آلاف السنين! وهذا القول يكون صحيحاً لولا ما كتبه يوحنا على لسان يسوع عندما كان بيلاطس يحاكمه إذ قال لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يُجاهدون لكي لا أُسلم إلى اليهود. (يوحنا 18: 36)
فيسوع يقول انه لا يستطيع أن يُحضر خدامه الآن للدفاع عنه لأن مملكته ليست من هذا العالم!
كما أن قول متّى يكون صحيحاً من أن يسوع كان عالماً وراضياً بصلبه وأنه جاء إلى الأرض كي يُصالح البشرية ويفتديها من خطيئة تلك الأكلة لولا صراخه على الصليب وهو يقول إلهي إلهي لماذا تركتني!
ولست أدري إن كان هذا هو السبب الذي من أجله أغفل مرقس ذكر هذه التفاصيل كما في النص التالي:
- فاستل واحد من الحاضرين السيف وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أُذنه. (مرقس 14: 47)
وأما لوقا الذي كتب أمر شراء السيوف فتجاهل ما كتبه متّى من أن من يأخذ السيف فبالسيف يهلك وكتب النص كما يلي:
- فلما رأى الذين حوله ما يكون قالوا يا رب أنضرب بالسيف،
وضرب واحد منهم عبد رئيس الكهنة فقطع أُذنه اليمنى،
فأجاب يسوع وقال دعوا إليّ هذا، ولمس أُذنه وأبرأها. (لوقا 22: 49-51)
هنا يوحي لنا لوقا وكأن التلاميذ كانوا مدججين بالسلاح ومستعدين للمواجهة بانتظار أمر يسوع، وكأنهم لم يكونوا قبل لحظات يغطون في نوم عميق، فعندما رأوا القادمين لإلقاء القبض عليه قالوا يا رب أنضرب بالسيف، وكان من شدة حماستهم وحبهم ليسوع أن أحدهم لم ينتظر قول يسوع، لأنه كان عنده الأمر سابقاً، عندما فهم أن قول يسوع لهم بشراء السيوف يعني مباشرة الدفاع دون الحاجة لأمر جديد، فاستل هذا سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة، ولكن المفاجأة هنا كانت أشد وقعاً عليهم مما كتبه متّى، إذ كتب لوقا أن يسوع أبرأ أُذن العبد بدلاً من الدخول في المعركة معهم ضد الأعداء!
وأما يوحنا فكتب عن هذه الواقعة ما يلي:
- ثم ان سمعان بطرس كان معه سيف فاستله وضرب عبد رئيس الكهنة، فقطع أُذنه اليمنى، وكان اسم العبد ملخس،
فقال يسوع لبطرس اجعل سيفك في الغمد،
الكأس التي أعطاني الأب ألا أشربها. (يوحنا 18: 10-11)
في هذا النص نقرأ أن التلميذ الذي دافع عن يسوع هو بطرس، كما نلاحظ ان يوحنا يركز على إظهار معرفة يسوع وقبوله بالصلب ويُعبر عن ذلك بقوله الكأس التي أعطاني الأب ألا أشربها!
وكما قلت سابقاً إن قبوله لشرب الكأس التي أعطاها له أبوه يكون صحيحاً لولا صراخه وهو معلق على الصليب إلهي إلهي لماذا تركتني!
بعد هذا الموقف من يسوع تجاه الجند القادمين لإلقاء القبض عليه، ماذا سيكون موقف باقي التلاميذ؟
موقف التلاميذ من يسوع بعد إلقاء القبض عليه
- حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا. (متّى 26: 56)
ومرقس كتب ذات المعنى ولكنه تحدث عن تلميذ هرب عرياناً كما في النص التالي:
فتركه الجميع وهربوا، وتبعه شاب لابساً إزاراً على عُيريِّه فأمسكه الشبان، فترك الإزار وهرب منهم عرياناً. (مرقس 14: 50-52)
وأما لوقا فلم يتعرض لموقف التلاميذ بشي، وانتقل مباشرة للحديث عن إنكار بطرس ليسوع!
وأما يوحنا فذكر شيئاً مناقضاً لما كتب متّى ومرقس فقال:
- فسألهم أيضاً من تطلبون،
فقالوا يسوع الناصري،
أجاب يسوع قد قلت لكم اني أنا هو،
فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون،
ليتم القول الذي قاله ان الذين أعطيتني لم أُهلك منهم أحداً. (يوحنا 18: 7-9)
وهذا الاختلاف لست أدري سبب وجوده ولا أُريد التعرض له الآن، ولكنه يُثبت أنه يوجد في الأناجيل نصوصاً متناقضة، مما يستدعي تفسيراً من الكنائس كي يصدق أتباعها الطيبين أن الأناجيل مكتوبة بسوق من الروح المقدس، كما أن على الكنائس توضيح صفات الروح المقدس وهل من بينها وقوعه في الأخطاء والتناقضات؟!
وأما قوله ليتمّ القول إن الذين أعطيتني لم أهلك منهم أحداً، فأظن أنه كان يجدر بيوحنا أن يتذكر أنه كتب قبل قليل أن يهوذا هلك وهو كان من الذين أُعطوا ليسوع!
أخذ يسوع إلى بيت رئيس الكهنة
بعد هذا يأخذ الخدم والجند يسوع إلى دار رئيس الكهنة وتجري له محاكمة أولية قبل تسليمه لبيلاطس كما في النصوص التالية:
- والذين أمسكوا يسوع مضوا به إلى قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ. (متّى 26: 57)
- فمضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة فاجتمع معه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة. (مرقس 14: 53)
- فأخذوه وساقوه وأدخلوه الى بيت رئيس الكهنة. (لوقا 22: 54)
- ثم ان الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع وأوثقوه، ومضوا به الى حنان أولاً، لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيساً للكهنة في تلك السنة، وكان قيافا هو الذي أشار على اليهود أنه خير أن يموت انسان واحد عن الشعب. (يوحنا 18: 12-14)
كما نلاحظ فإن متّى ومرقس ولوقا اتفقوا على كتابة ان يسوع ذهب إلى دار قيافا رئيس الكهنة، وأما يوحنا فكتب أنهم أخذوه إلى بيت حنان أولاً لأنه حما قيافا رئيس الكهنة، وسأعتبر أن ما كتبه يوحنا زيادة في تفاصيل تلك الحادثة فهم أخذوه أولاً عند حنان ثم مضوا به إلى قيافة رئيس الكهنة وهناك بدأت عملية استجواب يسوع تمهيداً لتقديمه لبيلاطس.
استجواب يسوع من قبل رؤساء الكهنة
- وكان رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع كله يطلبون شهادة زور على يسوع لكي يقتلوه،
فلم يجدوا، ومع أنه جاء شهود زور كثيرون لم يجدوا،
ولكن أخيراً تقدم شاهدا زور وقالا هذا قال اني أقدر أن أنقض هيكل الإله وفي ثلاثة أيام أبنيه،
فقام رئيس الكهنة وقال له أما تجيب بشيء، ماذا يشهد به هذان عليك،
وأما يسوع فكان ساكتاً. (متّى 26: 59)
- وكان رؤساء الكهنة والمجمع كله يطلبون شهادة على يسوع ليقتلوه فلم يجدوا، لأن كثيرين شهدوا عليه زوراً ولم تتفق شهاداتهم،
ثم قام قوم وشهدوا عليه زوراً قائلين نحن سمعناه يقول أني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي وفي ثلاثة أيام أبني آخر غير مصنوع بأياد،
ولا بهذا كانت شهادتهم تتفق،
فقام رئيس الكهنة في الوسط وسأل يسوع قائلاً أما تجيب بشيء، ماذا يشهد به هؤلاء عليك،
وأما هو فكان ساكتاً ولم يجب بشيء. (مرقس 14: 55-61)
- والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه،
وغطوه وكانوا يضربون وجهه ويسألونه قائلين تنبأ من هو الذي ضربك،
وأشياء أُخر كثيرة كانوا يقولون عليه مُجَدِّفين. (لوقا 22: 63-65)
من هذه النصوص نجد أن كتبة الأناجيل قد اختلفوا في الكيفية التي أمضى بها يسوع تلك الليلة فمتّى ومرقس قالا إن رئيس الكهنة وزعماء اليهود قاموا باستجوابه واستعدوا لتقديمه للوالي بإحضار شهود زور، ولوقا قال إن يسوع أمضاها وهو يُعذب ويُجلد ويُستهزأ به ويُجدف عليه، وأما يوحنا فلم يذكر شيئاً عن يسوع في تلك الليلة ولا عن شهود الزور، وكيف يكتب يوحنا عن شهود الزور، وهو كتب نصاً قال فيه إن يسوع قال انه يستطيع أن يبني الهيكل إذا هدمه اليهود في ثلاثة أيام، كما في النص التالي:
- فأجاب اليهود وقالوا له أية آية تُرينا حتى تفعل هذا،
أجاب يسوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه،
فقال اليهود في ست وأربعين سنة بُني هذا الهيكل أفأنت في ثلاثة أيام تُقيمه،
وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده. (يوحنا 2: 18-21)
فهذا نص واضح في أن يسوع قال انه مستعد لبناء الهيكل خلال ثلاثة أيام إذا قام اليهود بنقضه! فهل شهد هؤلاء الشهود بالزور أم بما قاله يسوع نفسه لو كانت قصتهم صحيحة؟!
وما يُثير الشك في أصل قصة الشهود أن اليهود عندما قدموا يسوع لبيلاطس واشتكوا عليه لم يكن لهؤلاء الشهود أي دور في المحاكمة، ولا بما شهدوا به!
وأما تعقيب يوحنا على كلام يسوع بالقول انه يقصد هيكل جسده فهو كلام مردود عليه من ناحيتين:
الأولى ان يسوع لم يقل لليهود انه يقصد هيكل جسده بل كان الكلام عن الهيكل الحقيقي بدليل تعقيب اليهود بقولهم ان الهيكل بُني في ست وأربعين سنة، فلو كان قصد اليهود أو يسوع هيكل جسده لقال لهم انه لا يقصد الهيكل الذي بُني من الحجارة في ست وأربعين سنة وإنما يقصد هيكل جسده!
والثانية إن قول يوحنا أن يسوع كان يقول عن هيكل جسده هو كلام خاطئ لسببين:
الأول لأن يسوع كما تذكر الأناجيل لم يلبث في القبر سوى ليلتين ويوم وهذه المدة الزمنية لا تكفي لنقض هيكل الإنسان، أي تحلله لتراب!
والثاني ان الأناجيل تقول أن يسوع عندما قام من الأموات كانت آثار الجروح والطعنة ما تزال ظاهرة في جسده، لا بل إن ظهورها كان الدليل على انه هو وليس غيره عندما ظهر للتلاميذ، حتى انه قال للتلميذ الذي شكّ في قيامته، وهو توما، ضع أصابعك في مكان الجراح ولا تكن غير مؤمن فهذا يدل على أن هيكل جسده لم ينقض كما كتب يوحنا في إنجيله!
ولكن ما يُنسينا شهود الزور هؤلاء هو موقف يسوع من هذه الشهادة!
لماذا يسكت يسوع عن شهود الزور سواء كان أنسانا عادياً أو كان  المسيح الذي تحدثت عنه نبوءات العهد القديم أو الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر الذي تحدثت عنه الكنائس في قوانين إيمانها؟!
فإذا كان قال كما شهد هؤلاء عليه فممن يخاف؟
وإذا لم يقله فلماذا لم ينفي هذه الشهادة الكاذبة؟
هنا يأتي الجواب من الكنائس وليس من يسوع فتقول إن يسوع لم يدافع عن نفسه لأنه ما جاء إلى الأرض إلا ليُصالح الأقانيم الثلاثة الحالة في جسده مع الناس، وذلك بجلده ولطمه والبصق عليه وصلبه حتى تستطيع تلك الأقانيم أن ترفع خطيئة آدم وذريته.
وهذا الجواب على ضراوته يكون مقبولاً لولا ما كتبه يوحنا عن موقف يسوع في هذا الموقف بالذات:
 - فسأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن تعليمه،
أجابه يسوع أنا كلمت العالم علانية، أنا علّمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائماً، وفي الخفاء لم أتكلم بشيء،
ولماذا تسألني أنا، اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم، هو ذا هؤلاء يعرفون ماذا قلت أنا،
ولما قال هذا لطم يسوع واحد من الخدّام كان واقفاً قائلاً أهكذا تجاوب رئيس الكهنة،
أجابه يسوع ان كنت قد تكلمت رديّاً فاشهد على الرديّ وان حسناً فلماذا تضربني،
وكان حنّان قد أرسله موثقاً الى قيافا رئيس الكهنة. (يوحنا 18: 19-24)
ففي هذا النص نجد أن يسوع قد أجاب رئيس الكهنة عما سأله، حتى انه عندما لطمه الجندي ردّ عليه يسوع وقال إن كنت تكلمت ردياً فاشهد وان حسناً فلماذا تضربني!
فيسوع كان في استطاعته أن يجيب على الأسئلة بغض النظر إن كان جاء ليُصلب أم لا، ويبقى سكوته عن شهادة الزور وعدم فضح أمر هؤلاء الشهود كما كتب متّى ومرقس غير مبرر، وهو ما يثير الشك في أصل القصة!
اعلان يسوع أن رؤساء الكهنة سيرونه جالساً عن يمين قوة الإله وآتياً على سحاب السماء
- فأجاب رئيس الكهنة وقال له استحلفك بالإله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الإله،
قال له يسوع أنت قلت،
وأيضاً أقول لكم من ألآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء،
فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلاً قد جدّف، ما حاجتنا بعد إلى شهود. (متّى 26: 63-65)
- فسأله رئيس الكهنة وقال له أأنت المسيح ابن المبارك،
فقال يسوع أنا هو،
وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً في سحاب السماء،
فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال ما حاجتنا بعد إلى شهود، قد سمعتم التجاديف. (مرقس 14: 61-64)
- ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب رؤساء الكهنة والكتبة وأصعدوه الى مجمعهم قائلين إن كنت أنت المسيح فقل لنا،
فقال لهم إن قلت لكم لا تصدقون وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني، منذ الآن يكون ابن الانسان جالساً عن يمين قوة الإله،
فقال الجميع أفأنت ابن الإله، فقال لهم انتم تقولون اني أنا هو. (لوقا 22: 66-70)
- فسأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن تعليمه،
أجابه يسوع أنا كلمت العالم علانية، أنا علمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائماً، وفي الخفاء لم أتكلم بشيء،
ولماذا تسألني أنا، اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم، هو ذا هؤلاء يعرفون ماذا قلت أنا،
ولما قال هذا لطم يسوع واحد من الخدّام كان واقفاً قائلاً أهكذا تجاوب رئيس الكهنة،
أجابه يسوع ان كنت قد تكلمت رديّاً فاشهد على الرديّ وان حسناً فلماذا تضربني،
وكان حنّان قد أرسله موثقاً الى قيافا رئيس الكهنة. (يوحنا 18: 19- 24)
سأتعرض في وقت لاحق بالتفصيل لما تحويه هذه النصوص من أخطاء وتناقضات كثيرة ولكن في هذا الموقف سأذكر بعضها بشكل مختصر.
أول تلك الأخطاء هي قول يسوع انه من الآن، أو منذ الآن، أو سوف دون تحديد الوقت عند مرقس، تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة كما كتب متّى ومرقس، وجالساً عن يمين قوة الإله كما كتب لوقا دون ذكر تبصرون، وآتياً على سحاب السماء كما كتب متّى، وآتياً في سحاب السماء كما كتب مرقس، ولم يذكر لوقا المجيء لا على السحاب ولا في السحاب وأما يوحنا فلم يذكر شيئاً من هذا كله!
فهذه الفقرات التي كتبها كتبة الأناجيل على لسان يسوع يعلم كل انسان وُلِدَ خلال العشرين قرناً الماضية أنها لم تقع ولم تحدث، ولم يبصره رؤساء الكهنة جالساً عن يمين القوة أو عن يمين قوة الإله، كما إنهم لم يبصروه آتياً على سحاب السماء ولا في سحاب السماء! وهذا الأمر يثير الشكوك في صحة هذه الأقوال والصفات التي تنسب  ليسوع، لأننا نعلم ان وعود الرب متحققة وغير متخلفة عن وقتها ولو بدقيقة واحدة كما حدث مع أنبياء بني إسرائيل عندما كانوا يتنبؤون فإن الأحداث كانت تقع كما قالوا وفي الوقت المحدد لها، ولكن كتبة الأناجيل هنا يكتبون نبوءات يقولون فيها ان يسوع الاقنوم الثاني هو الذي تنبأ بها، ولكنها لم تقع، ولا يمكن أن تقع حتى لو جاء يسوع على سحاب السماء أو في سحاب السماء لان رؤساء الكهنة لن يبصروه، لأنهم ماتوا وشبعوا موتاً منذ أكثر من تسعة عشر قرنا!
الخطأ الثاني في هذه النصوص هو قول يسوع: فقال لهم إن قلت لكم لا تصدقون وان سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني، ففي هذا القول نقض لما تقوله الكنائس عن يسوع من انه ما جاء إلا لرفع خطيئة آدم التي أورثها لذريته، فلو كان ما تقوله الكنائس عنه صحيحاً لما رغب في إطلاق سراحه.
نقطة أخيرة وان كانت لا تعتبر خطأ إلا انه يمكن وصفها بالمصيبة وهي تعقيب يوحنا على لطم الجندي ليسوع، الاقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد كما تقول الكنائس، وكان حنّان قد أرسله موثقاً إلى قيافا رئيس الكهنة، فنحن نجد هنا أن يوحنا يريد أن يقول لأتباع الكنائس الطيبين انه لو لم يكن يسوع موثقاً لكان ردّ على اللطمة التي لطمها له الجندي، وهو هنا ينسى نفسه، ولست أدري أين كان الروح المقدس ويوحنا يكتب هذه الجملة؟! لانه وهو يكتب هذا التعقيب يشعرنا وكأنه يكتب عن إنسان عادي وليس عن الاقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد، فهو وان كان يريد أن يدافع عن يسوع لأنه لم يردّ على لطمة الجندي، إلا انه كذلك يوحي لنا أن يسوع الاقنوم الثاني يستطيع شرذمة من الناس أن يوثقوه وان يقوم احد الجنود بلطمه، ولا يستطيع أن يرد عليه لأنه كان موثقاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق